تعدد التخطيط والمصير واحد
نظم فرع الجمعية السعودية لعلوم العمران بمكة المكرمة بالتعاون مع الهيئة العليا لتطوير مكة لقاء بعنوان «المخطط الهيكلي لمكة المكرمة»، ولست متيقنا أي مخطط هيكلي، أهو ما أعلنته الهيئة قبل سنوات أم جديد آخر، أم أن المقصود مخطط أمانة العاصمة المقدسة للخمسين سنة القادمة الذي أعلنته هي الأخرى قبل سنوات، أم تراه مخطط الإمارة على مستوى المنطقة؟ خبر اللقاء كان مختصرا جدا، فلم نعرف عن المداخلات التي جرت، فما نشر كان ملخصا لما قاله الأمين العام المكلف لهيئة تطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة (المدينة 18 فبراير الحالي).
مما قاله سعادته أن المخطط الشامل الجديد الذي شاركت 9 جهات حكومية وأهلية في وضعه يأتي ومكة ما زالت «شركاء متشاكسون» ضاربا المثل بتنفيذ عدة مشاريع كبرى بمكة دون أي تنسيق بينها ووجود مشاريع أخرى لا تعرف الهيئة عنها شيئا. هل يعقل أولا أن تسكت الهيئة دهرا عن عدم التنسيق هذا ثم تعترف به الآن بعد تقديم مخطط شامل جديد؟ هل يعقل ثانيا أن توجد مشاريع تطويرية لا تعرف عنها الهيئة وهي المسؤولة الأولى عن تطوير مكة؟ لم يشرح سعادته، أو لم تنقل الصحيفة، هل تم التنسيق مع جهات المشاريع التطويرية الأخرى عند وضع هذا المخطط الشامل الجديد، هل هناك مخطط عام أو حتى تصور عام لمخططي ومطوري مكة، وقد تكاثروا، يمكن وضعه على طاولة واحدة وتحت مظلة واحدة تجمعهم وإن إداريا، فإن لم يكن فتنسيقيا.ما سبق، على أهميته، يعتبر أمورا إدارية يمكن بقليل من الجدية تلافيها، بيد أن ما لفتني مطالبة سعادته بتغيير أسلوب وفكر تطوير مكة من المصالح إلى القيم، جازما أن 99% مما يدار بمكة تحركه المصالح لا القيم، وبذا، يقول سعادته، يمكننا بناء إنسان مكة. لن أسال سعادته عن مصدر نسبته المئوية المذهلة هذه، لكن هل يفهم من هذا أن ما يدار بمكة ليس مرتبطا بالقيم، هل السقاية والوفادة لم تكن تقدم على أساس قيمي، هل الطوافة وكافة خدمات الحج والعمرة والبيت الحرام ليس لها أساس قيمي ليأتي سعادته الآن ليطالب به؟ ربما سوء فهم مني، بل أجزم بذلك، فرجل خدم كل هذه المدة بمكة لا بد أن يعرف أن مجتمع مكة وخدماته أساسها كلها قيمي، ليس لأن أهل مكة أناس طيبون، بل لأن الخدمات دينية قيمية أساسا.
عكاظ 1435/4/20هـ