اسم أم لوحة إعلان !

كنت في طريقي إلى شارع أم الجود بالعاصمة المقدسة، وهو اسم لطيف مناسب لاسم سابق بشع كان يسمى به الشارع نفسه لعشرات السنوات هو «أم الدود!»، حتى جاء الأستاذ عبدالله عريف ــ رحمه الله ــ الأمين الأسبق للعاصمة المقدسة، فغير الاسم البشع إلى أم الجود ضمن شوارع عدة غيرت أسماؤها؛ مثل شارع اللصوص بالعتيبية الذي أصبح في عهده شارع الأندلس، ولا سيما بعد أن بلغه أن طبيبا مصريا كان يسكن في شارع اللصوص، فكتب رسالة لوالدته المسنة في محافظة الفيوم وسطر عليها اسم ذلك الشارع، فارتاعت العجوز وانخلع قلبها وكتبت إليه ضارعة متوسلة أن يترك اللصوص وشارعهم قبل أن يناله منهم أي أذى متوقع!


أقول: كنت في طريقي إلى شارع أم الجود، فوجدت لوحة سمي بها الشارع الرئيسي المخترق لمخطط الحمراء، ولاحظت أن اللوحة تحمل الاسم الكامل لمن سمي باسمه الشارع ونسبه الكريم، وكل ذلك حسن لا غبار عليه لوجود نظائر له في تسميات العديد من الشوارع باسم شخصيات علمية أو اجتماعية أو ثقافية أو تاريخية، ولكن ما لفت نظري أنه تمت الإشارة في اللوحة إلى وظيفته السابقة التي كان يتسنمها قبل عدة عقود وبقي فيها عدة عقود، ثم تولاها آخرون فأصبح يلقب بـ«الأسبق»، بعد ذكر وظيفته الغابرة، فلم تصبح بهذه التفاصيل لوحة تسمية لشارع حيوي، وإنما لوحة تعريف بصاحب التسمية، مع أنه في واقع الأمر أشهر من علم في رأسه نار ولم ينل أحد ممن جاء بعده في وظيفته الشهرة نفسها أو حتى نصفها، وهو في واقع الأمر علامة مميزة في مجال عمله وأستاذ فيه، ولذلك فلم يكن هناك ما يدعو إلى تمييز اللوحة التي تحمل اسمه بتلك التفاصيل التي لم يحظ بها غيره من المشاهير والرموز الذين سميت شوارع مكية بأسمائهم؛ لأنه إن كان من أطلق اسمه على شارع من الشوارع قد حفر بعطائه ذلك الاسم في الأذهان، فاسمه كافٍ حتى دون ألقاب أو أنساب، وإن كانت التسمية عاطفية وتعاطفية، فلا عجب أن يميز اسم شارع من الشوارع بتفاصيل وألقاب من أطلق اسمه على ذلك الشارع؟!.

عكاظ 1435/3/8هـ