مظاهر لا مخابر!

على يسار الصاعد إلى حي العوالي بمكة المكرمة، يرتفع شامخا وجميلا وزاهيا مستشفى حكومي مكتوب على لوحته الذهبية «مستشفى الأطفال والنساء والولادة»، أو عبارة قريبة في المعنى من هذه العبارة، وهذا المستشفى الذي أنشئ بمئات الملايين من الريالات وعلى أرض مساحتها آلاف الأمتار المربعة، وهو أمر يسر الخاطر ولا سيما أن المستشفى الجديد جاء بديلا لمستشفى الولادة بحي جرول، وهو مستشفى ظل يقدم خدماته في مبنى عتيق حتى قال عنه وزير الصحة السابق الدكتور حمد المانع، عندما زاره قبل نحو عشر سنوات، إنه مستشفى لا يصلح لعلاج بشر فيه!

ولكن كل ما ذكر من رقي وجمال ورفاهية في المستشفى الجديد وما زود به من أجهزة حديثة لم يؤد إلى نقلة نوعية في خدمات المستشفى لرواده، فقد نقل العاملون في المبنى القديم من أطباء وممرضين وإداريين إلى المبنى الجديد، وظلت الإجراءات كما هي، و«العقليات» كما هي، والميزانية المخصصة للمستشفى الجديد لا تزيد كثيرا عما كانت عليه من قبل، وما أصبح جاهزا من سرر في طوابق وغرف وأجنحة المستشفى أقل من طاقته الاستيعابية الكاملة نظرا لعدم كفاية الميزانية والقوى البشرية من أطباء وممرضين، ولذلك لا عجب أن يشهد المستشفى بعض المآسي الشديدة اللوعة؛ مثل عدم توفر سرير لمولودة جديدة لديها مشاكل بالقلب وتحتاج لعلاج متطور وعالي المستوى فتلفظ أنفاسها في قسم الطوارئ، أو تحصل وفيات أثناء الولادة، أو تراجع مريضات ذلك القسم فلا يجدن من الاهتمام ولا ينلن ما يحتجنه من تشخيص جيد وعلاج مناسب ولا حتى تحاليل مخبرية صحيحة، وإنما كشف مستعجل وقليل من الأدوية و«أمسكي الباب» والمناداة على من بعدها في السرا! إن هذا الصرح الطبي البهي يحتاج من وزارة الصحة إلى توفير ما يحتاجه من طواقم طبية ماهرة على مستوى استشاريين كبار في أمراض الأطفال والنساء والولادة، وإلى كوادر عالية المستوى في المختبرات والأشعة والعلاج الطبيعي، وإلى صيدلية يتوفر فيها العلاج الناجع حتى لو كان غالي الثمن، وإلى إدارة فنية صارمة تراقب وتتابع وتطالب وتصر على حصول المستشفى على حقه من كل ما تقدم ذكره من إمكانيات وإلا فلا؟!.

عكاظ 1435/3/1هـ