مكة النبوية

سعدت الأسبوع ما قبل الماضي بزيارة المدينة المنورة والتشرف والتقرب إلى الله بزيارة الحبيب صلى الله عليه و سلم ، ثم حضور ملتقى التراث العمراني الثالث الذي عقدته هيئة السياحة و الآثار في رحاب جامعة طيبة ، و كنت بصحبة كوكبة من زملائي أعضاء مبادرة (معاد) لتعزيز الهوية المكية و العناية بالآثار و المعالم التاريخية ، حيث انتهزنا الفرصة لزيارة بعض الآثار النبوية و المعالم التاريخية في المدينة المنورة و ينبع و العلا و مدائن صالح و خيبر ، فكان أسبوعاً مفعماً بعبق النبوة و التاريخ.

اطلعنا خلال الملتقى و أثناء زياراتنا الميدانية على جهود مقدرة لهيئة السياحة و الآثار في الحفاظ على و ترميم بعض المعالم التاريخية في المدينة المنورة و العلا و ينبع و الأحساء وغيرها ..

 

و في مطلع هذا الأسبوع قمنا في مبادرة معاد و ضمن مجهود علمي بالتعاون مع معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج بالوقوف ميدانياً على مسار النبي الأعظم صلى الله عليه و سلم يوم الفتح ، وقد كان قائدنا و دليلنا العالم الجغرافي المكي الفذ سعادة أ.د. معراج مرزا ، و كانت آخر وقفة في الرحلة على أعلى جبل خندمة المطل على الساحات الشرقية للمسجد الحرام (شرق المسعى) حيث ألقينا نظرة على هذه الساحات التي تضم فيما تضم شعب بني هاشم حيث شهد مولده النبي الأعظم صلى الله عليه و سلم ، و دار السيدة خديجة رضى الله عنها حيث بيته صلى الله عليه و سلم و متنزل وحي السماء ، و موضع الغزة حيث غز عليه السلام رايته يوم الفتح ، و مسجد راية الزبير بن العوام و مسجد الشجرة و مسجد الجن .. و في هذه الناحية دار الأرقم التي حوت دعوته صلى الله عليه و سلم في بدايتها و دار أبو سفيان التي أعلنها عليه السلام أن من دخلها كان آمن .. و امتدادها نحو الشمال الشرقي مسجد الإجابة و الأبطح حيث أقام في حجة الوداع .. و منها الوصول إلى منى و المزدلفة و عرفات .. و منها كان طريقه إلى غار حراء و فيها ملتقاه بأمنا خديجة عندما كانت تأتيه بالمؤونة التي يحتاج أثناء تحنثه في الغار ..

إن هذه الساحات و امتدادها هي المكان الذي عاش وترعرع فيها الحبيب صلى الله عليه و سلم و مشى على ثراها لأكثر من خمسة عقود قبل أن يأذن الله له بالهجرة إلى طيبة الطيبة .. و هي بذلك تُعد بحق مكة النبوية ..

 

و هي جديرة و حقيقة بعناية خاصة .. عناية تحيي ماندثر من آثارها النبوية و التاريخية و تحافظ على ما بقي منها.

 

و عليه أكرر المطالبة بالحفاظ على (مكة النبوية) و إحياء معالمها و بث الروح في حياتها الاجتماعية و الاقتصادية من خلال منظومة من المشاريع لعل أهمها مشروع إحياء مسار المدعى كمسار نبوي ، و كأقصر درب للجنائز إلى  المعلاه ، و كسوق تاريخي و إعادة بناء مسجد الراية على ضفته ، و توظيف كل في خدمة و سلامة و راحة أهل الله و ضيوفه.

و الله ولي التوفيق

عكاظ 1435/2/21هـ