جامعة أم القرى و «الزي الإسلامي»
للجامعات، كما لأي جهة أخرى حكومية كانت أو غير حكومية، أن تضع من الضوابط ما تراه كفيلا بحفظ الآداب العامة التي ترى إلزام منسوبيها بها، غير أنه ليس للجامعات، أو لأي جهة حكومية أو غير حكومية، أن تدعي أن ضوابطها هذه هي الضوابط الإسلامية وكأنما خروج من يخرج عن هذه الضوابط خروج عن ما أمر به الإسلام وارتكاب لما نهى عنه، بل وكأنما الجهات الأخرى، بما فيها التي لا تطبق نفس الضوابط ولا تلزم منسوبيها بها، تفرط في أمر من أمور الدين التي لم يكن لها أن تفرط فيها.
جامعة أم القرى وضعت جملة من الضوابط التي ترى أن على الطلاب والطالبات المنتمين إليها أن يلتزموا بها، وترى في الوقت نفسه أن خروجهم عنها يجعلهم عرضة للعقاب، وليس من حق أحد أن ينازع الجامعة في حقها بوضع الضوابط التي تراها، وليس على الطلاب والطالبات المنتمين إليها سوى القبول اقتناعا منهم بتلك الضوابط أو إذعانا لها تجنبا للعقاب الذي تتوعد به الجامعة الخارجين على تلك الضوابط.
لجامعة أم القرى أن تحدد من الضوابط ما تشاء ولها أن تسميها ضوابط جامعة أم القرى، غير أني لا أرى أن من حق الجامعة أن تعتبر أن تلك الضوابط ضوابط إسلامية، فهي ليست بحاجة إلى البحث عن ضوابط إسلامية ما دامت في بلد كالمملكة كل جامعاته ومعاهده ومدارسه ومؤسساته الحكومية وغير الحكومية ملتزمة بالضوابط الإسلامية، وليس لجامعة أم القرى أن تشرع لنفسها تشريعا خاصا ترى أنه هو الإسلامي أو يكون ضوابط إسلامية تخصها دون سواها داخل الضوابط الإسلامية العامة لأن ذلك يعني أحد أمرين: التشدد من قبلها أو التفريط من قبل الآخرين.
وإذا ما أردنا نموذجا على تلك الضوابط التي وصفتها الجامعة بالإسلامية فحسبنا أن نشير إلى ما ذكره عميد شؤون الطلاب في الجامعة حين تحدث عن المخالفات التي يطالها قانون العقوبات فذكر منها «عدم الالتزام بارتداء الزي الإسلامي المحتشم المناسب لطلبة العلم» فإذا كان يعني بذلك لبس الثوب والغترة والعقال فإن ذلك هو الزي الوطني، كما هو متعارف عليه في الضوابط العامة التي تلزم بارتدائه في الدوائر الحكومية والمدارس، وإن كان يريد زيا آخر فمن المتوجب عليه أن يوضح ما يقصده به، وأن يكون من الشجاعة بحيث يبين لنا حكم ارتداء الزي الوطني، بل وحكم ارتداء البنطال، ما دام يرى أن ثمة «زيا إسلاميا» تلزم به طلابها وتعاقبهم عند التجرد منه.
عكاظ 1435/1/27هـ