أزمة نظافة

جسدت أزمة النظافة بالمدينتين المقدستين أزمتنا الأخلاقية والإدارية مع العمالة الوافدة، سواء كان السبب تدني الأجور أم تجديد الإقامات فهما أمران أحلاهما مر بدون الخوض بتفاصيل القضية وما قال أصحاب شركات النظافة أو مسؤولو أمانة المدينتين المقدستين، علما بأنهم جميعا عقدوا اجتماعات ميدانية وطبقوا خطط طوارئ وخططا بديلة، حتى وزارة العمل شكلت فرق عمل يوم الجمعة لإنجاز رخص عمل إلكترونية لعمال الشركات المتعهدة، لكن ومع تمدد أكوام النفايات من الشوارع إلى المدارس والعمائر يحق السؤال لم حدث ما حدث.


لماذا الانتظار حتى وقوع الكارثة ثم التهافت لاحتوائها، لم أخرت شركات النظافة تجديد إقامات عمالها ولم زادت رواتبهم فجأة، ولماذا لم تتابع أمانة المدينة المنورة مع صاحب الشركة بدلا من الانتظار حتى يضطر أمينها لمسك المكنسة بشارع نظيف ليضرب لنا مثلا في القدوة بصورة معبرة، والقدوة أن لو بادر بالتحوط من المشكلة، ولو كانت خططه البديلة فعالة، لما اضطر بإلقاء اللوم على المواطن مصدر هذ النفايات عندما بشرنا يوم أمس بانزياح الغمة في المدينة المنورة.


لا تختلف القصة كثيرا بمكة المكرمة، بادرت الأمانة بعقد اتفاق مع حوالي خمسة آلاف عامل نظافة، هكذا يقول الخبر، فهل لم يكن للعمال شركة، هل تعاقدت معهم الأمانة من الشارع، هذا ما يبدو، فخمسة آلاف عامل وعدوا بتجديد أو منح إقامات، ثم جدد لبعضهم وترك الآخرون فامتنعوا جميعا ولا يمكننا لوم تضامنهم، اللوم يقع على من أخر أو عطل تجديد إقاماتهم، وبعد إعلان الخصم على المتعهد لم تنس أمانة مكة أيضا تحميل المواطن مسؤوليته المباشرة كمصدر للنفايات، وكان أجدى لو سألت نفسها عن وعودها قبل أربعة أشهر بالتعاقد مع شركات نظافة جديدة لتفادي أزمة عمال النظافة المتكررة بالعاصمة المقدسة.


وفي خبر لاحق أن أكثر من 20 ألف مدرسة بمختلف المناطق توقف إيقاع النظافة فيها مع بداية حملة التفتيش، برغم تحذيرات سابقة لإدارات التعليم لكن ظل الوضع كما هو، مما يعيدني لسؤالي السابق لم يحدث كل هذا، هل كما صادفنا مافيا تأشيرات في الحملة نواجه الآن مافيا شركات نظافة باحتكار بعضها، تحضر هذه الشركات عمالا بعقود سخرة، تسكنهم أسوأ سكن، تعطيهم أدنى أجور، تصوروا 300 ريال و12 ساعة عمل، فيضطرون للشحاذة عند الإشارات وكان أملهم التوفير لإعالة أسرهم هناك، أي إساءة للعامل وأي إساءة لسمعة البلد، أليست هي أزمة أخلاق بعض تجارنا وأزمة إدارة معظم مديرينا؟

عكاظ 1435/1/6هـ