لا أتهم ولكن

أرفع يدي الاثنتين تحية لديوان المظالم الذي يثبت كل مرة أنه المرجع الأخير لكل مظلوم بخس حقه وأشكره باسم كل المتظلمين من أصحاب العقارات المنزوعة بمكة المكرمة، وربما غدا بالمدينة المنورة أو أية مدينة أخرى يتم نزع ملكيات فيها لأي غرض كان دون تعويض مناسب.


الحديث عن التظلم الذي كسبه أصحاب العقارات المنزوعة ملكيتها لمصلحة مشاريع مختلفة بمكة بالمنطقة المركزية أو ببعض الضواحي، لمصلحة توسعة الحرم الشريف ومحطات خدماته أو لمصلحة الطرق الدائرية وبالخصوص لمشاريع تطويرية وتجارية. كان الأمر الملكي واضحا بعدم نزع أي عقار دون تعويض مناسب قبل الإخلاء، ولا أعرف كيف تم تجاوزه مرتين، مرة بإجبار السكان على الإخلاء قبل استلام التعويض وأخرى ببخسهم قيمة التعويض، فضلا عن عدم توفير البديل المناسب لمن اضطر لترك منزله، أما تعويض الأوقاف فحدث ولا حرج، حيث تدور بين دار المال والمحكمة شهورا وسنين حتى توافق المحكمة على شراء البديل الذي تراه مناسبا، وتكون في الأثناء قيمة العقارات قد تضاعفت مرات، فلا تعود قيمة التعويض تكفي لشراء ما يوازي ربع قيمة العقار المنزوع.


السؤال الناشب لم يبخس الناس حقوقهم ابتداء، لم التقدير المتدني والتقتير غير المبرر هو ديدن لجان التقدير المشكلة من أفراد من أخير الناس ولا نزكيهم عند الله فهو حسيبهم، خبروا السوق وعرفوا ارتفاع أسعاره، بل لم الظلم؟ هل يجاملون وزارة المالية أم يتجملون أمامها عالمين أن لديها توجيها ملكيا بسرعة الصرف وبتعويض مناسب، لن استرسل فقد يكون لهم عذر لا نعلمه، لكنه عذر مرفوض جملة وتفصيلا، وكان عليهم أن يرفضوه بداية لأنه يفرز ظلما والظلم محرم شرعا وقانونا، وما بني على ظلم فهو ظلم وإلا ما رده قضاة ديوان المظالم.


روح الشريعة السمحة وروح القانون الوضعي تتطلب منهم نظرة أكثر شمولية، بالخصوص للعقارات المنزوعة لأهداف تطويرية تجارية، تفترض مآل هذه الأراضي مستقبلا كقيمة استثمارية مما يحتم إعطاء قيمتها السوقية الحالية نسبة من قيمتها المستقبلية كمنتج استثماري، إن لم يمكن اشراك صاحب الأصل فيه ممكنا، وإلا كيف تنزع مني ما أملك وبتقدير بخس ثم تعطيه لشركة تطوره وتستثمره؟

عكاظ 1434/12/22هـ