السلام عليك يا رسول الله
•• مهما قدمنا.. ومهما فعلنا.. ومهما صنعنا من أجل رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام.. فإننا نظل مقصرين وعاجزين عن أداء ما يتوجب علينا أداؤه تجاه مقامه الكريم.. وأثره العظيم في تأسيس ثقافة هذه الأمة وإقامة دولة الإسلام على أسس متينة وراسخة..
•• وإذا لم نكن نحن هنا في هذه البلاد المقدسة.. نحفل برسالة الهداية والنور هذه فمن يمكن أن يحفل بها ويهتم؟ ومن أولى منا بتخليد جهود وأعمال من اضطلع بأداء هذه الرسالة وبلغها إلى كل الدنيا..
•• كل ذلك شعرت به.. وأنا أتجول قبل أسبوع في مدينة «السلام عليك أيها النبي» لصاحبها الأستاذ الدكتور الفاضل «ناصر بن مسفر الزهراني» وبرفقة أخي الأستاذ علي الحسون رئيس تحرير جريدة البلاد.. فلا نكاد نصدق أن عملا ضخما.. ورائعا.. ومتميزا كهذا يمكن أن يقوم به فرد.. إلا أن يكون قد نذر نفسه لعمل عظيم.. وخير.. وكبير كهذا ابتغاء وجه الله تعالى.. ورغبة في أداء واجب تجاه بلد طاهر ومقدس منحنا الكثير ووجب علينا أن نقدم له أرواحنا ونتاج عقولنا.. وصادق ولائنا.. وعظيم وفائنا..
•• ولا شك أن المدينة التي رأيتها.. سواء في الأهداف التي رسمت لها.. أو في الأعمال الموسوعية التي صدرت أو سوف تصدر عنها.. أو في العروض المبهرة التي قدمت من خلالها سيرة رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام أو في الفكر الذي تبناه وعمل على ترسيخه في أذهان الأجيال.. لا شك أنها من الأعمال العظيمة والنادرة والمتميزة سواء في جانبها العلمي التوثيقي أو في جانبها الثقافي والإعلامي أو في جوانب التأثير التي سوف يكون لها على المدى الطويل.
•• والحقيقة أن هذا العمل الكبير بكل ما أنفق فيه من جهد أو مال.. أو تخطيط.. يستحق أن يقدر وعلى كل المستويات.. لأنه عمل يفوق قدرة البشر ويرقى إلى مستوى الأعمال التاريخية الذي تتصدى له وتقوم به الدول والمؤسسات العلمية الكبرى.. ولذلك فإنه عمل لا بد أن يجد الدعم كل الدعم منا.. كدولة.. وكمؤسسات علمية وأكاديمية وبحثية.. وكأفراد أيضا.. وإن كان الدكتور الزهراني لا يرغب في أن يشاركه أحد في الأجر والمثوبة.. وفي المضي بهذه المدينة إلى ما هو أبعد..
مع أنني أرى أن تتضافر جهود المؤسسات العلمية في المملكة معه للتوسع في هذا المشروع.. حتى يتحول إلى مؤسسة علمية عالمية تنطلق من هنا من مكة المكرمة لتعم كل أرجاء الدنيا.. لأن ما رأيته في المعرض يقدم الإسلام على حقيقته كدين عالمي.. يجمع بين القيم الإنسانية والحضارية والمادية ويتعامل مع الحياة ومن عليها على أنهم مصدر الخير لهذا الكون.. بما زخر به الإسلام من تسامح ووسطية واعتدال ومن استيعاب عظيم لكل الرسالات السماوية.. ولما مثله ويمثله الإسلام من قيم خالدة لا تبلى.. ولا تتخلف عن ركب الحضارات الإنسانية إن هو لم يسبقها بمراحل.
•• فمن كل قلبي أقول لهذا الرجل شكرا لك على ما فعلت.. ومن أعمق أعماقي أطالب بأن ننطلق من هذا العمل العظيم الذي لا يوجد بلد على وجه الأرض أحق بتبنيه والاستمرار والتوسع فيه.
عكاظ 1434/12/17هـ