المستودع الخيري وإلافطار في الحرم

 

 

 

إن تنظيم دخول الأطعمة للمسجد الحرام لإفطار الصائمين بما يسهّل استخدامها والتخلّص من بقاياها أصبح مطلوبًا، في ظل توسعة المسجد الحرام، والزيادة الكبيرة في أعداد المصلين
بعد أيّام سيهل علينا شهر رمضان المبارك بروحانياته التي نزداد شوقًا لها كلما اقترب ، نسأل الله أن يبلغنا الشهر الكريم ويرزقنا فيه حسن الصيام والقيام وأن نستعد ويستعد الإعلام بما يليق وروحانية الشهر الفضيل .وحقيقة أود تناول موضوع محدد وهو دخول أطعمة للمسجد الحرام لإفطار الصائمين .
هناك سببان مهمان يدعوان لذلك أولهما : المشروع العظيم لتوسعة المسجد الحرام والذي أمر به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء ، مما يعني استيعاب الحرم لمئات الآلاف من المصلين كأعداد إضافية كانت تملأ الساحات الخارجية ، واستمرار الإفطار بنفس الطريقة يزيد من أعباء وقت النظافة في الحرم .
الأمر الثاني ان تنظيم دخول الأطعمة وأسلوب تقديمها بما يسهل استخدامها والتخلص من بقاياها أصبح مطلوبًا ، وأمامنا نموذج ناجح وهو مشروع كوبونات الهدي والأضاحي وكيف ساهم ذلك في حسن تنظيم عمل المسالخ ونظافة المشاعر المقدسة وصحة البيئة خلال موسم الحج ، وحسن الاستفادة من لحوم الهدي والأضاحي كمشروع حضاري يصل خيره لفقراء الحرم ومكة المكرمة والفقراء في العالم الإسلامي .
إذن القضية في موضوع إفطار الصائمين بالحرم تكمن في الآلية المطلوبة وتوجد اجتهادات في ذلك كل رمضان حتى من المستودع الخيري نفسه ، ولكن إمكاناته الكبيرة وما تعكسه من حب الخير في بلادنا ، تجعلنا نتطلع إلى دور أكثر تنظيمًا يشمل هذا المجال.
مثلا لو تمت دراسة تولي المستودع الخيري لإفطار الصائمين في الحرم الشريف، والتوعية به منذ وقت مبكر سيتوجه إليه المحسنون بصدقاتهم من أموالهم أو تمور ووجبات وتبرعات شركات الأغذية والمطاعم الكبرى . ويمكن التعاقد مع جهة متخصصة في إعداد الوجبات الجاهزة وتكون بمواصفات محددة من حيث مكونات وحجم الوجبة كإفطار مؤقت على ما رزق الله للصائمين ، وفي علب صغيرة مناسبة ، لمنع ترك مخلفات تلتصق بالفرش وبأقدام المصلين وتعرضهم لانزلاقات تصيبهم بالخطر ، وتزيد عبء طواقم النظافة ، ناهيك عن المظهر الذي لايليق وقدسية المكان.
مثل هذا المشروع سينظم الصدقات على أن يرتب المستودع الخيري بإمكاناته وخبرات القائمين عليه جزاهم الله خيرا ، وسيسهل توزيع الوجبات الرمزية للإفطار وكذا جمع بقاياها ، وستساعد المصلين أنفسهم في المحافظة على نظافة الحرم كسلوك إسلامي أوجب ما يكون تطبيقه في الحرمين الشريفين . وبعد أن يؤدي الصائمون صلاة المغرب أو من عليه طواف وسعي ، من الطبيعي أن يكملوا إفطارهم خارج الحرم في مساكنهم أو المطاعم حسب ما يطلبون ويشتهون .
إن صلاتنا كلها طهارة ونظافة ، وما دام الحرمان الشريفان خاصة والمساجد عامة تحظى بكل هذه العناية في بلادنا ، وما دمنا أصحاب رفادة وكرم جبلنا عليه ولله الحمد ، فعلينا أن نكمل هذا الواقع بتقديم وجبات بسيطة وسريعة كما ذكرت ، من خلال جهة قادرة على تنظيم ذلك ، وليس هناك أفضل ولا أكثر استطاعة من المستودع الخيري ، وإذا ما تحقق ذلك يكون قد قطع شوطًا كبيرًا في مهماته وواكب تزايد أعداد قاصدي بيت الله الحرام . وكما ذكرت فإن كرم الرفادة لا يقتصر على تقديم أطعمة يفطر عليها الصائمون وإنما بأسلوب محبب وفيه كرم الأسلوب والطريقة والمعنى اللائق بالمكان وبحرصنا على تكامل مظهر الكرم والتنظيم، وهذا فيه المثوبة بإذن الله طالما فيه راحة ويسر ونظافة والمزيد من الإكرام للصائمين الذين يبتهلون بالدعاء لهذا البلد وقيادته وأهله.
نتمنى أن تجد الفكرة اهتمامًا من المخلصين الحريصين على كل تنظيم يليق بخدمة ضيوف الرحمن وبكرم الرفادة .. وأعتقد أن الموسرين وكل الذين يسارعون إلى الخيرات بإفطار الصائمين سيستجيبون مع مثل هذا التنظيم لو بدأ ، بالتعاون مع الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام وأجهزتها والمعنيين بذلك.. ومن المهم أيضا أن تكون الساحات الخارجية المباشرة جزءا من هذا التنظيم خاصة أنها الأكثر تأثرًا بمخلفات الأطعمة وأمتعة الوافدين الزائرين الذين يفترشون الساحات ، وهذه ظاهرة أخرى تحتاج لحلول إيجابية وليس مجرد منع الافتراش خاصة في رمضان حيث الأعداد الهائلة تملأ الساحات وشوارع المنطقة المركزية.. وفقكم الله.