«الصهبة» تؤكد عشق الشباب للفن الأصيل في زمن فني رديء

في حفل جمعية الثقافة الفنون بجدة بمناسبة تدشين كتاب "الصهبة والموشحات الأندلسية في مكة المكرمة" لزميلنا العاشق لمكة المكرمة والتراث الأصيل عبدالله أبكر، كان حضور الشباب كبيرًا في الحفل، رغم أن فن "الصهبة" من الألوان الغنائية الغير مستساغة لدى الشباب، ورغم أن هذا الفن شبه مندثر لولا جهود بعض المخلصين والعاشقين أمثال الأخ عبدالله أبكر. ولاشك أن حضور الشباب بهذه الكثافة التي شهدها الحفل لهو دليل كبير على أن الفن الأصيل سيبقى وسيظل له جمهوره وعشاقه، وهؤلاء الشباب بحاجة إلى أن نقدم لهم هذا الفن ونحافظ عليه، وقد كان الحفل رائعًا بحضور الأديبين الدكتور عبدالله مناع والدكتور عبدالرحمن العرابي والذين تحدثا عن فن "الصهبة" ونشأته وقدما معلومات رائعة عنه. كما شهد الحفل حضور موسيقارنا الكبير غازي علي بعد غياب طويل جدًا عن فعاليات جمعية الثقافة والفنون، وكان حضوره مؤثرًا وإضافة مهمة للحفل الرائع. وقدمت فرقة "الصهبة" نماذج من هذا الفن الأصيل وسط تفاعل الشباب والحضور.


شكرًا للزميل العاشق للأصالة الأستاذ عبدالله أبكر على كل جهوده الكبيرة التي يقدمها عن فن "الصهبة" وعن كل الفنون الأصيلة، وسيبقى كتابه القيّم "الصهبة والموشحات الأندلسية في مكة المكرمة" مرجعًا تاريخيًا لا غنى عنه لهذا الفن، وكم أتمنى أن نقوم أيضًا بتوثيق فنوننا الأصيلة من "المزمار" و"الخبيتي" و"الحدري" و"المجرور" و"المجس" بالإضافة إلى "الصهبة" و"اليماني كف"، وأن نقدمها بشكل دائم للشباب ولعشاق الفنون الأصيلة، لكي نحافظ عليها، ولأنها فنون أصيلة ولا يوجد لها مثيل وتستحق أن نهتم بها ونسعى لتقديمها بشكل يليق بها.


أقول أتمنى أن نسعى للحفاظ على هذه الفنون الأصيلة، ونحن نرى اليوم إنحدارًا في مستوى ما يُقدم من غناء بفضل مغنيي هذه الأيام الذين لا هدف لهم إلا تقديم أي فن وأي غناء مقابل "ريالات" مدفوعة، فنحن في زمن الغناء الهابط زمن "وحدة بوحدة" زمن "على وحدة ونص" بطولة فناني التجارة والشيكات. ولهذا لابد أن نسعى بجد إلى الحفاظ على فننا الأصيل قبل أن يضيع في زمن أمثال هؤلاء الفنانين المدّعين الذين أضاعوا وشوّهوا فنوننا.
* * *
عندما نتحدث عن الفن الأصيل، عن زمن الغناء والموسيقى العربية الأصيلة، لابد أن نذكر بكل تقدير وامتنان السيدة الفاضلة المبدعة المصرية الدكتورة رتيبة الحفني التي انتقلت إلى رحمة الله تعالى قبل أيام بعد مشوار طويل وحافل بالعطاء المخلص لكل ما من شأنه الإرتقاء بالفن والموسيقى العربية. قدمت الدكتورة الحفني يرحمها الله إسهامات بارزة جدًا في مسيرة الفن العربي، ومنها مهرجان الموسيقى العربية الذي يقام سنويًا في القاهرة وهو أروع وأجمل مهرجان يهتم بالموسيقى العربية والغناء العربي الأصيل. رحم الله الدكتورة رتيبة الحفني، وبهذه المناسبة أقدم خالص العزاء لموسيقارنا الكبير سراج عمر والذي كانت تربطه بالراحلة علاقة فنية كبيرة، وكانت الدكتورة رتيبة من عشاق فن سراج عمر، وقد سعت إلى تكريمه في مهرجان الموسيقى العربية كفنان عربي بارز في هذا المجال، وهو بالطبع يستحق كل التقدير.
* * *
لأننا في زمن فني ردئ بوجود أسماء اصبحت فجأة من نجوم الفن العربي (الردئ طبعًا)، فأنني لا استغرب أبدًا أن تضع "طقّاقة الخليج" نفسها في مقارنة مع "كوكب الشرق" أو الراحلة وردة، فطالما هناك فضائيات وإعلام تافه يفسح المجال للطقّاقات وأمثالها، فإذن سنشاهد المزيد من الفن الردئ.
نحن لا نلوم "الطقاقة" بقدر ما نلوم الذين فسحوا لها المجال، ولا نلومها ولكن نلوم من يشجعها ويقف وراءها وهم على شاكلتها. إنه فعلا زمن ردئ، زمن الفن والفنانين الهابطين، زمن "الطقاقات" و"وحدة بوحدة" وتجار الفن.

«إحساس»

خلّي ما بينا همس القلوب
خلّي قلبي في صدى صمتك يذوب
يسهر مع الرمش الحنون.. يمسّي على سحر العيون
ويحكي مع الطرف الخجول
لالالالالا تقول..
خلّي العيون عنك تقول

المدينة - الاربعاء 1434/11/19هـ