الآثار النبوية
لم تكن العناية بها واردةً عندنا العقود الماضية. طغى عليها وهمُ درءِ المفاسد بفداحةٍ ظالمة. حتى شهدناها تُطمس و تُزال بينما نُخبةُ علماءٍ يتصورون و يتجوّلون ترويجاً لمدائنِ صالح التي قال سيد الخلق إنها موطنُ عذابٍ و أمر بالمرورِ بها سِراعاً لا مُكوثِها تَنزُّهاً.
لذا لم ينطلقْ البَوْنُ الشاسع في التعامل مع الآثار من تعاليم واضحة، بل كان وليد قناعاتٍ شخصية. وبين (العنايةِ) و (الطمسِ) مرحلةٌ وسطيّةٌ نسمّيها (احترام) آثار سيد الخلق، و لا أقول تقديسها مع أن الله قدّس في قُرآنِه جماداتٍ و مواقع بالمعنى الذي لا يحمل عبادةً أو تصريفاً.
ذاك (الاحترام) هو المُراد الذي لا يَعيهِ إلّا أفذاذُ فكرٍ يُدركون أنها إرثٌ إنسانيٌ مُلكُ أجيال الأمةِ المتعاقبةِ لا حقبتِنا فقط. فكان الأمير خالد الفيصل من القلّةِ الواعين لذلك، فأعطى من جُلِّ وقتِه في متابعةِ توسعة الحرمِ المكيِ حيّزاً مهماً لاستدراكِ ما بقي من آثارٍ إنسانيةٍ لِئلّا تَؤولَ ركاماً تَنقدنا عليه الأمم عندما نصبح تاريخاً.
البلاد 1434/11/9هـ