منظومة النقل العام أمل سيغير حياتنا
لدينا مجموعة من الآمال والأحلام التي تلوح في أذهاننا منذ عقود ولا تزال في مرحلة الحلم الجميل الذي لم يتحقق؛ مثل منظومة النقل العام داخل المدن، شبكة القطارات بينها، شبكات المياه والصرف الصحي في مدن رئيسية كمكة وجدة، المباني المدرسية، مباني المرافق العامة.
ومقالي اليوم سيتركز على حلمنا في اكتمال منظومة النقل العام والآثار المترتبة على ذلك.
حديث الجهات المعنية بالنقل العام مثل وزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة النقل عن تأسيس وتنظيم شبكات النقل العام لم ينقطع منذ عدة عقود، وقد وقعت على مقال للوالد -يرحمه الله- نُشر بتاريخ
30 /11 /1379هـ تحدّث فيه عن تقدم المجلس البلدي بمكة المكرمة حينها بمشروع تنظيم خطوط البلدة؛ وعن إقراره من قِبَل اللجنة الإدارية لمجلس الشورى، إلاّ أن المجلس رأى تعليق إنجاز المشروع لحين وضع تصور شامل لتنظيم خطوط البلدة في المملكة، وبذلك رأى كاتب المقال أن المشروع قد قُضي عليه في مهده.
وهذا يعني أن موضوع تنظيم النقل العام وما كان يُسمى خطوط البلدة لا يزال يدور في ردهات الجهات المختصة منذ ما يقارب -أو قد يزيد عن- الستين عامًا، ولذلك لا يزال بالنسبة للناس في مرحلة الحلم والأمل.
ومنظومة النقل العام أمل وحلم جميل ننتظر تحققه بفارغ الصبر للآثار العظيمة والممتدة التي ستترتب على تحقيقه.
فمن آثار اكتمال منظومة النقل العام التخفيف من زحام الشوارع، وهو ما سوف يُوفِّر ما يضيع من أعمارنا وطاقاتنا في الوقت الذي نمضيه في السيارات، ويُخفِّف من الضغوط النفسية التي نقع تحتها بسبب الزحام وبسبب فوضى القيادة على طرقاتنا.. وبالتالي تحسن أدائنا وسلوكياتنا.
وكذلك تخفيف أعداد السيارات التي ستسير على طرقاتنا، وهذا يعني تحقيق وفورات اقتصادية كبرى على المستوى الفردي والوطني المتمثلة في مستهلكات السيارات، من محروقات وزيوت وإطارات، وهو ما يعني تقليص كميات التلوث الذي تُحدثه عوادم السيارات، وهو يعني أيضًا تقليص أعداد السائقين المستقدمين لقيادة السيارات، وتحقيق وفورات مالية كبيرة وتقليص التحويلات المالية إلى الخارج، والتخفيف من الآثار الاجتماعية والتربوية السلبية لوجود هذه الأعداد الكبيرة من السائقين داخل الأسر.
ومن الآثار الإيجابية لتوافر منظومة النقل العام تحسُّن الصحة العامة نتيجة لزيادة المشي للوصول إلى محطات الحافلات والمترو ومواقف سيارات الأجرة، بالإضافة لانخفاض نسب التلوث في الأجواء.
منظومة النقل العام ليست ترفًا وإنما ضرورة ولها آثار اجتماعية واقتصادية وبيئية وصحية.
ويحضرني هنا تجربة جديرة بالاقتداء وهي تجربة إمارة دبي التي تكاملت فيها منظومة النقل العام خلال سنوات معدودة، ولا تزال مستمرة في توسُّع وتطوير، وهي تُدار باحترافية وباستخدام تقنيات متطورة سواء في تحصيل الأجرة أو في مراقبة أداء سائقي سيارات الأجرة بما يحول دون الغش والمساومات على الأجرة.
فيا أيُّها المعنيّون أنجزوا وحقّقوا الحلم والأمل غفر الله لي ولكم.
المدينة 1434/11/8