تخفيض عدد المعتمرين وتحديد النسب أسوة بالحج!
تظل مكة قبلة العالم الإسلامي ومهوى افئدة المسلمين.. اذ هى مهبط الوحي ومهد ميلاد افضل الخلق رسولنا وحبيبنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم.. والتى شرفها الله بأن اختارها بيته المحرم ليكون شرفها العظيم وشرف اهلها ومن حولها.. ويذكر التاريخ كيف كانت الانبثاقة الاولى والتى كان من تدبيره سبحانه وتعالى ان حول اتجاه ابينا ابراهيم الخليل عليه السلام من الشام الى ام القرى.. وكيف انه ترك هاجر ام المؤمنين ومعها ذلك الطفل الذى لم يعرف التاريخ انه سيكون له شأن عظيم.. انه اسماعيل بن ابراهيم الخليل عليهما الصلاة والسلام.. وتمضى مسيرة الايام ويلقى الرب العظيم على ابراهيم واسماعيل مسؤولية الشرف الكبير (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ) كل ذلك آيات من العظمة وارتقاء المكانة بين شتى مدن العالم.. ذلك الفضل العظيم الذى اراده الله لمكة المكرمة.. وزاد فى ذلك ان تفجر من خلال آفاق الدنيا ميلاد نبى هذه الامة.. الذى كان فتحا مبينا وكان نبع النور والضياء.. كل ذلك الشرف تكتنزه ام القرى بين جنباتها.
هذه المهابة والعظمة قد لا يدركها الكثيرون:
وكل هذه الكنوز التى لا تندرج ولا يقيسها ولا يستطيع ضبطها وترجيح قيمتها مدى او موازين الدنيا بأسرها الا عند من اراد ربك له الفضل.. واشرقت نفسه توقا وايمانا واحتسابا لكل هذا الفضل.. اقول ويعلم الله كم من الانفعالات التى تشتعل فى داخلى مما اراه ويراه البعض من ممارسات رخيصة ودونية يأباها كل ضمير حي.. وتلفظها النفوس المطمئنه المؤمنة.. انها حالات من الشذوذ والخروج على القاعدة وعلى النص وكفر بالنعمة.. اعنى بذلك وكلى الم تلك الممارسات التى نشهدها ويشهدها حجاج بيت الله الحرام ومعتمروه وزواره.. اولئك الذين قطعوا الامداء والاميال يدفعهم شوق تتفجر طاقته لترتقى بهم فوق هامات السحب ولتعالج ضعف امكاناتهم.. يحدوهم الشوق والتوق للوقوف والطواف حول بيت الله العتيق.. لست ادرى وقد حبانا الله هذا الشرف العظيم.. شرف جوار بيته وشرف جوار رسوله فى مثواه عليه الصلاة والسلام.. لماذا لا نرتقى فى طهارة ونبل وايمان لنرقى الى هذا المستوى من التشريف والتمكين.. اذ مكننا الله سبحانه وتعالى من فضله ان نعيش بين جنبات هذه الديار المقدسة.. علينا واجبات ادبية ومعنوية تجاه ضيوف الرحمن.. احسب ان الكثير لا يلتزم بهذا الواجب وانما يتحايل على نفسه وعلى النظم والقوانين فى محاولة لايثار مصلحته على مصلحة الاخرين.. فى جشع بشع وفى ظلم مبين لنفسه ولضيوف الرحمن وضيوفه.
جهود الدولة المباركة:
تبذل الدولة جهودا مباركة واضحة بارزة تشهدها كل الاعيان ويقر ويعترف بها كل من يستقر فى وعيه الايمان وعدالة ونزاهة الحكم.. وأنا (واعوذ بالله من الانا) وكل رفاقى ممن عاصروا عهود الملوك عبدالعزيز وسعود وفيصل وخالد وفهد ثم هذا العهد الزاهر كان كثيرا علينا وعلى ذاكرتنا ان نحيط بكل هذه الانجازات التى تفجرت بها ينابيع الخير.. من توسعات فى الحرمين الشريفين ومن بنى تحتية وطرق وكبارى وشوارع وكهرباء ومياه ومن تذليل لمعظم العقبات فى الجمرات وفى تسهيل مهمة الدخول الى الحرم والخروج منه.. كل تلك المشاريع وكل تلك الاعمال وخاصة فى عهد امير المنطقة الحالى خالد الفيصل.
تخفيض عدد المعتمرين:
هذه المقدمة كان لا بد منها من اجل ان تخرس الألسن التى تلوك فى هذا الشان بغير علم ولا هدى.. فالحقيقة كانت ساطعة فى شهر رمضان المبارك وآية فى التعبير لدلالات واضحة على نجاح جدوى تخفيض عدد المعتمرين وشهد معى الكثيرون ممن قضوا الايام الاخيرة فى مسجد رسول الله انه قد خف الزحام مما مكن لنا ولكل الزوار اداء الصلاة والتراويح والتهجد فى طمأنينة ويسر ومع ان العدد كبير الا انه لا يرقى الى ما كان عليه الحال فى الاعوام الماضية.. ولو اتخذ هذا القرار فى الوقت المناسب ولم يكن مباغتا لقضينا على كل الآثار السلبية الناجمة عنه على شركات الحج والعمرة والفنادق وخطوط الطيران واصداء بين جنبات الدول الاسلامية وعلى صفحات الجرائد.. وحسبى الله ونعم الوكيل.
عكاظ 1434/10/28هـ