غزوة بدر الكبرى «يوم الفرقان»

.. في مثل يوم بعد غدٍ السابع عشر من شهر رمضان المبارك في العام الثاني من الهجرة هيأ الله للمسلمين بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرا عزيزا هزم به الكفار، وارتفعت راية الإسلام خفاقة لينتشر الإسلام في بقاع الأرض.

وعندما يتذكر المسلمون اليوم أمجاد الإسلام بأيامه المشرقة، فإن معركة بدر الكبرى هي في مقدمة ما تعرضه الذاكرة من تلك الأيام العطرة ليس لوقوعها في هذا الشهر الكريم فقط، وإنما لأنها الفيصل بين عهد الشرك والإسلام، إذ انتصر فيها المسلمون انتصارا عزيزا بتأييد من الله وعزيمة الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فوفوا بتدافعهم إلى القتال طلبا للنصر أو الاستشهاد في سبيل الله بحماس ملؤه الإيمان الصادق، والعزيمة القوية ..

ولنتأمل هذا المشهد: قبل بدء المعركة خرج الرسول صلى الله عليه وسلم يهيىء أصحابه للقتال قائلا لهم: ((والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا أدخله الله الجنة))، ويسمع هذه الكلمات النابضة عمير بن الحمام بن الجموح الأنصاري السلمي وفي يده تمرات يريد أن يأكلها ولكنه لم يكد يسمع كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قذف بالتمرات قائلا: بخ، بخ، فما بيني وبين الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء، ثم يأخذ سيفه ويدخل المعركة فيقاتل قتال الأبطال فيقتل في المعركة، وكان أول قتيل في سبيل الله، ويقال إن أول قتيل قتل في المعركة هو مهجع مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.

والحديث عن معركة بدر الكبرى له أكثر من دافع، الأول: جهل كثير من شبابنا لتاريخنا الإسلامي، وثانيها: تذكر شأن المسلمين في صدر التاريخ الإسلامي وكيف أعزهم الله بدينه، وثالثها: استخلاص العبرة مما قدمه المسلمون من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم من الفداء.

فلقد قدمت إحدى المحطات الفضائية لقاءات مع بعض الشباب عن التاريخ الإسلامي فاتضح من خلالها جهلهم بنسب الرسول صلى الله عليه وسلم وعدد زوجاته، أما الجهاد فلم يعرفوا عنه شيئا البتة.وجلست ذات مساء مع نفر من المنتسبين للثقافة وأتى الحديث على ذكر سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه فوجدت الجميع يجهل أن اسمه (عبدالله) من بعدما كان له اسمه قبل الإسلام (عبد الكعبة) وبعد أن أسلم سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم (عبدالله) كما سماه من بعد (الصديق) وأن من أسمائه أيضا (عتيق).

لذا فإنني أناشد أصحاب المحطات الفضائية بل وجميع وسائل الإعلام أن لا تتوانى عن استثمار هذا المساء ويوم الغد ومسائه، بل وجميع المناسبات الدينية والتاريخية في تقديم ما ينفع شبابنا من تاريخ أمتهم وجهاد نبيهم صلى الله عليه وسلم وصحبه رضوان الله عليهم لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى.

السطر الأخير: لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال افعلوا ما شئتم

عكاظ 1434/9/15هـ