رمضان كريم
وبدأ شهر الصيام الكريم أمس الأربعاء بعد تعذر رؤية العين المجردة والفلكية الراصدة، أعرف كثيرين فرحوا باليوم الإضافي لشعبان لتغطية مقاضي رمضان، وكأنهم يفاجأون كل عام بوصول رمضان، الشهر الذي ننتظره ستة شهور سابقة داعين الله أن يبلغنا إياه، ونودعه ستة لاحقة داعين الله أن يتقبل عملنا فيه، تماما كما يحدث في العيد، إكمال شهر رمضان الكريم ثلاثين يوما يعتبر عند البعض هدية لصيام يوم زيادة بالطبع، وأيضا هبة بمزيد من الوقت لتغطية مقاضي العيد، كأنما سيسقط علينا شوال من المريخ، مع أننا قبله بليالٍ نكون مشغولين بختم القرآن وبليلة القدر وفي العشر الأخيرة، وكلها مؤشرات لاستقبال العيد بفرحة القبول ــ بإذن الله.
لا بأس، فذلك من طبائع البشر يختلفون كما تختلف سحناتهم وشخصياتهم وطرائق تفكيرهم، لكن ولأنه رمضان شهر البر والإحسان، هل سنتذكر أثناء تبضعنا من ليس لديه ما يكفي للتبضع، لا أقصد الحسنات والصدقات والزكاة في رمضان، تلك سنن بعضها واجبة على المقتدر وغير المقتدر، لكن عندما يتبضع أحدنا لنفسه أو لعياله أن يتذكر آخرين يحتاجون التبضع لأنفسهم ولأطفالهم لن يثقل عربة التبضع أن تشتري شيئا إضافيا لهم، بل سيثقل ميزان حسناتك، لن يزيد أعباء الميزانية المنزلية فما نقص مال من صدقة. تصور الفرحة التي ستدخلها على أسرة محتاجة عفيفة لا تسأل الناس إلحافا، تفقد أحوال المحتاجين المستورين فضيلة لا يعرف قدرها البعض، هي كالسعي في حوائجهم تكسبك أجر الفعل وحسنة الدعاء.رمضان شهر سكينة إلى النفس لكبح شهواتها وتعويدها أداء واجباتها قبل استيفاء حقوقها، وللفقراء حق معلوم للسائل والمحروم يجب أداؤه ولا أفضل من رمضان له، ألم يعجب رسولنا ــ عليه الصلاة والسلام ــ من الرجل ينام وجاره جائع، فإن لم تجد فشق تمرة، فإن لم تجد فتبسمك في وجه أخيك صدقة، فإن لم تجد فلا تذكره إلا بالخير وإلا فكف لسانك، فهو العضلة التي إما أن تدخلك الجنة بكثرة الاستغفار والأذكار، وإما النار بكثرة القيل والقال ولك الخيار.
عكاظ 1434/9/2هـ