عطش مكة
عاشت مكة المكرمة، خلال الأسبوعين الماضيين، أزمة مائية خانقة مرشحة للاستمرار أسبوعين آخرين، أي حتى بداية شهر رمضان الكريم وتضاعف عدد سكان مكة بالزوار والمعتمرين؛ بسب عطل فني طارئ أصاب أحد خطوط إمدادها بمياه التحلية من الشعيبة، وهذه ليست المرة الأولى، بل سبقتها مرات تتفاوت نسب فداحتها، وكالعادة، تم تقاذف مسؤولية ما حدث بين مؤسسة التحلية الموردة وبين شركة المياه الموزعة.
بعيدا عن تحديد المسئولية هنا فشرح ذلك يطول، أسأل الجهتين (المؤسسة العامة لتحلية المياه، والشركة الوطنية للمياه): هل هذا العطل الطارئ كان من النوع غير المتوقع، كسقوط نيزك أو شهاب من السماء على الخط المنكوب، أو حدوث زلزال أبتلع جزءا منه، أو عاصفة كونية، أو طوفان كاسح؟. كل ما قاله محافظ المؤسسة أن عطلا أصاب الخط فتسرب منه الماء وتم إصلاحه، ثم تعطل ثانية لأنهم ضخوا المياه فيه بشدة فأوقفوه نهائيا لإصلاحه بشكل أفضل، هل يذكركم هذا بحلولنا البدائية عندما كنا نسقي الزرع بخرطومي مياه نحشر الأصغر منهما في الأكبر لتطويل مساحة السقي، كنا نفتح الصنبور قليلا لتقليل كمية التسرب ولعدم انفلات الخرطومين، وكنا نستخدم الشطرطون والحبال، بل وأسياخ حديد، لإحكام ربط الخرطومين، هل بعد كل هذه العقود والتطور التقني العالمي ما زالت ذات التقنية المحلية مستخدمة؟رحماك سعادة المحافظ، ولا داعي لتشكيل لجنتين كما وعدت لدراسة ما حدث، ما شرحته يكفي واقتراحي عليك استبدال طاقم مهندسي وفنيي وإداري المؤسسة، فما حدث ليس له إلا تفسير واحد مع تكرر حدوثه سابقا، طاقمك الفني تنقصه الخبرة التقنية، وطاقمك الإداري تنقصه الحنكة الإدارية، ذات الأمر يقال للشركة الوطنية للمياه التي تكاد تتحول لشركة محصلة للرسوم وحسب، وإلا أيعقل أن مؤسستين حيويتين كهاتين ليس لديهما خطط طوارئ ولا خطط بديلة ولا خزن استراتيجي، أيعقل أن توضع في يد هؤلاء سمعة المملكة بعد أن تطايرت الأنباء عن عطش مكة إلى القادمين من كل فج وهي مقبلة علي رمضان، أي كارثة هذه وأي عقاب منتظر.
عكاظ 1434/8/21هـ