أسوار بعضُـها فوق بعض !
إذا واجه المختصون بعض المشكلات التي تبحث عن حلول فإن المجتهدين منهم يجدون في البحث عن حلول مبتكرة ناجعة قوية قاطعة لجذور المشكلة أو تخفيض نسبتها إلى حد لا يذكر، أما إن كان المختصون من جماعة «سلق البيض» وهو هنا كِناية عن تبني الحلول السهلة السريعة فإنهم يبادرون إلى طرح حلول عجيبة غريبة غير مدروسة بشكل جيد ثم يبدؤون في معالجة ما ينتج عن تلك الحلول من مضاعفات ومشكلات جانبية لم تراع عند وضع وتنفيذ الحلول المسلوقة الخالية من الدهون والطعم واللون والرائحة!.
وآخر ما قرأته في هذا المجال أن جهة الإشراف على قطار المشاعر لاحظت ما حصل خلال موسم الحج الماضي من تزاحم وتدافع في بعض نقاط محطات القطار في المشاعر المقدسة أدى إلى تأخير في الرحلات وقطع لطرق الحافلات الأمر الذي أخر وصول ضيوف الرحمن إلى مشعر منى عدة ساعات حسب التقارير الرسمية التي كتبت ونشر عنها عقب انتهاء موسم الحج الماضي، فرأت تلك الجهة ــ حفظها الله ــ أن تقوم بدراسة مشروع لتسوير محطات القطار للتحكم في الداخل إليها والخارج منها ولم يهدها تفكيرها العميق إلا لحل التسوير، وهو حل يقتضي تنفيذه رصد عشرات الملايين فإن نجح الحل فذلك «ما كنا نبغي» وإن لم ينجح وحصل داخل أسوار المحطة تزاحم وضغط وسقوط وإعياء وربما وفيات لا سمح الله تم البحث عن كبش فداء وقد يقال عندها «إن الخطأ على المرحوم»، ثم تبدأ عملية إزالة الأسوار لعدم نجاح إقامتها في تحقيق هدفها وتكون الإزالة «بفلوس جديدة» ، وقبل ذلك اقترح أحد الكتاب تسوير المشاعر المقدسة بأسوار عالية وأخذ يدور حول الفكرة مثل «المِدوان» حتى قلنا ليته سكت وانكتم كتمة الفول المدمس! وذلك بدلا من التفكير في حلول مبتكرة مثل تنفيذ مشاريع لجعل المشاعر تستوعب عدة ملايين براحة تامة فلا يكون هناك افتراش أو انبطاح أو تسلل، أما السور الجنوبي للبلاد الذي سيبلغ طوله 1400 كيلو متر وسيكلف بناؤه عدة مليارات فقد يتضح بعد إقامته أنه من الحلول السهلة التي قد لا تقطع دابر التسلل، وأن دعم نقاط حرس الحدود بالرجال والمعدات واستخدام وسائل رصد حديثة قد يكون أفضل عمليا ــ من وجهة نظري ــ من سور طويل يسهل اختراقه في الليل البهيم أو تدمير جزء منه في حين غفلة من أهله الصاحين!.
عكاظ 1434/5/18هـ