الندوة والوحدة على طريق غرفة مكة

ما نُشر قبل أسبوعين بشأن الندوة ووضع يد القضاء على أملاكها وإغلاقها بالسلاسل من أجل الوفاء بحقوق العاملين السابقين فيها جعلني أتساءل وأين الوفاء لهذه الجريدة العتيدة ؟ ولتاريخها و نضالها الطويل و إسهاماتها مع شقيقاتها عبر مسيرة بناء دولتنا الحديثة ؟! وكيف هانت على أهلها وهم يشهدون وأدها وتكبيلها بالسلاسل وهم لا يحركون ساكناً ؟


ثم تذكرت أن هناك من كان وفياً لها وحفياً بها وهو خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله حفظه الله ، بل كان أوفى الأوفياء لهذه الجريدة وتاريخها المشرّف ، ومرتين و ليس مرة واحدة ، الأولى عندما تبرع لها بعشرة ملايين ريال للوفاء بالتزاماتها تجاه دائنيها و العاملين فيها ، والثانية عندما وجه بتطويرها -ليس وأدها- ، و ندب في المرتين وزيري الثقافة والإعلام السيد إياد مدني و الدكتور عبد العزيز خوجة ..


ولجريدة الندوة مواقف نبيلة و مشرّفة أعرفها من الوالد يرحمه الله ، ويعرفها ويقدّرها بعض كبرائنا وليس هنا مقام الإفصاح عنها ، و لذلك فهي تستحق كل حفاوة وتقدير وعون للوقوف من كبوتها وليس وأدها ..


و هأنذا أتطلع إلى وفاء ملاّكها السابقين والحاليين والمكيين عموماً ، و أن يجعلوا قدوتهم في ذلك خادم الحرمين الشريفين ، ولعلي هنا أوجه كلامي لرئيس مجلس إدارتها الشيخ صالح كامل وأنا أعرف حبه ورغبته في خدمة مكة وتقديم كل ما يستطيعه من أجل أن تكون في المكانة التي تستحقها ، وآخر شواهد هذه المحبة هو ما قدّمه من دعم متواصل لشباب الغرفة التجارية بمكة المكرمة على مدى السنوات الأربعة الماضية والتي أثمرت عن جملة من الإنجازات أبرزها الانتهاء من بناء مجمع مباني الغرفة بحي التخصصي .. و كذلك دعمه لنادي الوحدة من خلال رئاسته لمجلس شرف النادي ..


وبعد ذلك أوجه كلامي لبقية الأعيان والأثرياء المكيين وأدعوهم إلى اقتفاء خطوات خادم الحرمين وتقديم كل ما يستطيعون من جهد ومال ، والالتفاف حول مؤسسات مكة عموماً وبالأخص و حالياً و سريعا حول جريدة الندوة و نادي الوحدة ، و مؤازرة الشيخ صالح كامل وزملاءه ومعاونيه في المؤسستين العريقتين ..


فقد أثبتت تجربة غرفة مكة و شبابها أن بالدعم والمؤازرة و الالتفاف تتحقق المنجزات التي كانت فيما مضى أقرب إلى المعجزات والمستحيلات .. فمن كان يتصور أن ينجح شباب الغرفة في إنجاز مجمع المباني وتوفير التمويل الذي قارب المائة وستين مليون ريال في هذا الوقت القياسي ؟ و أتذكر -و أنا من القريبين من الغرفة- أن الغرفة عندما فكّرت في تنفيذ مشروع مبناها على أرضها في ميدان النزهة استعظمت التمويل عندما كانت كلفته حينها حوالي عُشْر هذا الرقم ، ثم وبعد تحوُّلها إلى أرضها المنحة على الطريق الدائري استكثرت التمويل الذي كان أقل من نصف هذا الرقم .. و لكن بتوفيق الله ثم بالتآزر ودعم الشيوخ تمكن الشباب من إنجاز المعجز ..


لذلك لا يزال الأمل معقوداً على أبناء مكة البررة ولازالت الدعوة موجهة إليهم ولعلي استعير العبارة المباركة للوالد يرحمه الله التي كانت سبباً في تأسيس أول صندوق بر في مكة وتبعته صناديق البر في بقية مدن المملكة و التي يصل برها لمئات الآلاف من الفقراء والمحتاجين وهي (يا أصحاب الثروات أحسنوا كما أحسن الله إليكم) وتيمناً ببركتها لأقول يا أهل مكة أحسنوا كما أحسن الله إليكم .. و أعيدوا لمؤسسات مكة تاريخها ومجدها المشرّف فبتعاونكم و تآزركم سوف تتمكنون من إعادة الندوة (وأكرر الندوة الإرث التاريخي المكي وليس باسم جديد) إلى المقدمة ومن إعادة الوحدة إلى منصات التتويج فمكة وأهلها يستحقون و أنتم بعوْن الله قادرون..


واتوجه بدعوتي لمن تُسعفني الذاكرة ممن عُرف عنهم حب مكة و أهلها والسعي في خدمتها وهم أصحاب المعالي والسعادة الشيخ عبد الرحمن فقيه ، السيد أمين عطاس ، الشيخ عبد الحميد قطان ، الشيخ عبد المقصود خوجة ، الشيخ صالح صيرفي ، الشيخ رشاد زبيدي ، السيد علوي تونسي ، السيد جمال تونسي ، السيد أسامة البار ، الشريف منصور أبورياش ، الشيخ فايز زقزوق ، الشيخ يوسف الأحمدي ..
والله ولي التوفيق.

المدينة 1434/4/20هـ