« السياحة في معالم مدينة الرسول »

يتزاحم الحجاج والمعتمرون وغيرهم كل يوم بعد صلاة الفجر والعصر لزيارة شهداء البقيع وتوجه الأسئلة تلو الأسئلة من قبل هؤلاء على كل من يرتدي الثوب والعقال ظناً أنهم على علم بمن دفن بالبقيع، وقد عرفت منذ الصغر الأماكن التي دفنت فيها بنات النبي وبالقرب منهن زوجات الرسول، بينما دفنت فاطمة الزهراء بمفردها بجوار العباس بن عبدالمطلب في الناحية الجنوبية من إخوانها، وفي شمال البقيع في آخره دفن الخليفة عثمان بن عفان وفي الشمال الشرقي دفنت السيدة حليمة السعدية مرضعة الرسول، أقول أشعر بكثير من الحرج عندما أسأل عن بعض الصحابة في البقيع وأعتذر لعدم المعرفة ولسان حالهم يقول: إن أنتم لا تعرفون فمن ذا الذي سيدلنا.

التزاحم يشمل منبر ومحراب الرسول في الروضة الشريفة ومكان أهل الصفة وإسطوانة السيدة عائشة وإسطوانة السرير مكان اعتكاف رسول الله.

وترى بعضهم في حافلات تنقلهم إلى مسجد قباء ومسجد القبلتين ومسجد الغمامة ومسجد أبي بكر الصديق، حتى مسجد العنبرية ومبنى سكك حديد الحجاز التاريخي لها أيضاً نصيب من هذه الزيارات، وبعضهم يذهب إلى جبل أحد وبعضهم إلى جبل بني قريظة ووادي العقيق، وبعضهم يسأل عن وادي رانوناء ووادي البيداء وغيرها فتشعر بشيء من الحرج لعدم معرفتنا بمواقعها. في زيارتي الأخيرة لمدينة الرسول توقفت لزيارة مدينة المعرفة الاقتصادية ووجدت بجوارها متحف دار المدينة ووجدت وزميلي ما يثلج الصدر، حيث تصدى هذا المتحف الرائع للإجابة على كثير من الاستفسارات التي تدور في أذهان زوار المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى التسليم، فعلى مساحة ألف متر مربع شاهدنا مجسمات لمواقع الغزوات ولجبال المدينة بما فيها أحد والرماية، وللمسجد النبوي وقباء والعديد من المعالم بما فيها المساجد المأثورة في المدينة المنورة حيث لوحظ أنه تم بدء العمل فيها بجوار المتحف نظراً لعدم سعته، وفي هذا السياق فإنني أدعو شركة مدينة المعرفة الاقتصادية بتخصيص ما لا يقل عن خمسة آلاف متر لمتحف دار المدينة بما يمكنه من استكمال رسالته التي غفلت عنها الجهات المعنية، وأن هذه الأرض ينبغي أن تعطى ضمن المرحلة الأولى للمشروع وحبذا لو كانت مجاورة من منطقة المعرفة المخصصة للمدارس والجامعات ليكتمل عقد المعرفة بمتحف موسع يبرز معالم مدينة الرسول ويطفىء شغف المهتمين بالأماكن المأثورة وذلك في إطار المسئولية الاجتماعية لمدينة المعرفة الاقتصادية وسيكون المسلم سعيداً عندما يقف على معلم من معالم السيرة النبوية الخالدة على أرض الواقع فتسترجع الذاكرة العطرة سيرة المصطفى فتسمو نفسه ويمتلىء قلبه شوقاً وحباً. وأنصح الزوار بزيارة متحف دار المدينة بموقع مدينة المعرفة الاقتصادية ولمن يرغب الإستزادة عليه قراءة كتاب الدر المنثور في بيان معالم مدينة الرسول في العهد النبوي للدكتور مهندس عبدالعزيز بن عبدالرحمن كعكي وهناك مراجع علمية قيمة متوفرة في إحدى زوايا المتحف. المدينة وأهلها وزوارها يعلقون كثيراً من الآمال في حماس سمو أميرها الجديد في دعم السياحة في معالم المدينة لتكون ضمن أولوياته وسرعة استدراك ما أُهمل مما أُشير إليه، والله المستعان.

المدينة 1434/3/17هـ