الشباب لن يخذلونا .. غرفة مكة نموذجا

كتبت عدة مرات مطالباً بتكليف الشباب وإفساح المجال لمشاركتهم في إدارة شئون البلاد والنهوض بمشاريع التنمية فيها ولاأزال ..


فالشباب عبر تاريخ أمتنا كانوا موضع اهتمام القادة ، و قد كتبت في مقال نُشر بهذه الصحيفة بتاريخ 13/11/1427هـ تعليقاً على المؤتمر العالمي العاشر للندوة العالمية للشباب الإسلامي في القاهرة تحت عنوان (الشباب وبناء المستقبل) قلت فيه: «حظي الشباب على عهد النبوة وصدر الإسلام ، بالعناية ، و التشجيع ، و التكليف ، والمشاركة في تحمل المسئولية ، و حققت الأمة إنجازاتها العظيمة بمشاركاتهم . و قد رصدت أوراق المؤتمر أنه عندما ولي يحيى بن أكثم قضاء البصرة ، وكان سنه عشرين سنة ، استصغره أهل البصرة ، فقال : أنا أكبر من عتّاب بن أسيد الذي وجهه النبي صلى الله عليه وسلم قاضياً على مكة يوم الفتح ، وأنا أكبر من معاذ بن جبل الذي وجهه النبي صلى الله عليه و سلم قاضياً على اليمن. والنبي صلى الله عليه و سلم أمّر أسامة بن زيد على جيش وهو دون العشرين ، و كلّف سيدنا أبو بكر الصديق زيد بن ثابت رضي الله عنهما بجمع القرآن وهو دون الثانية و العشرين»


وقلت في مقال لاحق نُشر بتاريخ 26/6/1431هـ متحدثاً عن الدكتور غازي القصيبي يرحمه الله:»وقد كان معاليه ضمن كوكبة من الشباب الذين حظوا بثقة الملك خالد يرحمه الله عندما شكّل وزارته في بدايات حكمه ، وقد أبلوا بلاءً حسناً كلاً في وزارته ، و برغم ذلك تراجعت -فيما يبدو- الثقة بالشباب ، فلم نعد نشهد تولي الشباب لمناصب وزارية أو قيادية إلاّ فيما ندر» انتهى


و عندما تم تشكيل مجلس إدارة غرفة مكة قبل أربع سنوات بغالبية من الشباب استبشرت وغيري بذلك لإيماننا بقدرة الشباب على الإنجاز ، و كان رهاننا على أنهم سوف يحققون إنجازات غير مسبوقة ، و هذا برغم أنهم استلموا تركة ثقيلة لخصها سمو أمير المنطقة في حفل افتتاح المبنى عندما قال بأن الغرفة تعيش يقظة بعد سبات طويل..


وبحكم قربي من الغرفة على مدى العقود الثلاثة الماضية منذ فترة رئاسة والدي يرحمه الله ومروراً بعضويتي لمجلس الإدارة في الدورة الخامسة عشرة إلى الدورة الحالية التي يشارك فيها شقيقي الأصغر ماهر ، يمكنني القول بأن الشباب بدأوا البداية الصحيحة بحسن اختيار قياداتهم ، و أكملوا متمسكين بالعمل بروح الفريق ، فبدأوا مسيرتهم واستطاعوا إقناع رجال أعمال ومسئولي المنطقة بقدراتهم فحظوا بدعمهم مادياً ومعنوياً وإدارياً ، وتمكنوا من تحقيق إنجازاتهم.


و أشهد بأنهم بذلوا جهوداً مضنية من أجل إعادة ترتيب بيت التجار من الداخل ، فعكفوا على صياغة رؤية الغرفة ووضع استراتيجيتها من أجل الانطلاق بخطوات واثقة بمشروعهم للتغيير ، وبالفعل انطلقوا وعملوا باحترافية عالية بدت واضحة في عدد من فعاليات الغرفة وصورة لم نشهدها في مكة من قبل ، و راكموا العديد من الانجازات التي ، توّجوها بإنجاز مشروع المبنى الذي وصفه الشيخ صالح كامل بأنه إنجاز يرقى إلى الإعجاز..


في الحقيقة يمكنني القول بأن الشباب في غرفة مكة لم يخذلونا و كسبنا رهاننا على قدرتهم على التغيير و الإنجاز .. بل تجاوزوا في إنجازاتهم رهاننا و توقعاتنا .. فشكراً لهم و هنيئاً لتجار وصنّاع مكة بهم وبغرفتهم . وعقبال جريدة الندوة ونادي الوحدة قريباً إن شاء الله ..


و أتمنى أن يكون نموذج شباب غرفة مكة و إنجازاتهم محفزاً للمسئولين على زيادة الاعتماد على الشباب في تولي المناصب الوزارية و التنفيذية للنهوض بمشاريع التنمية وتجاوز التعثر و التأخير الذي يكاد أن يصبح سمة الإدارة السعودية..

المدينة 1434/3/14هـ