مكة .. مبانٍ مجيدة .. ومبانٍ جديدة

من أكثر ما يثير إعجاب من يزور المدن العريقة في العالم ما يمكن تسميته بـ « المباني المجيدة» التي تستحضر التاريخ بكل عظمته وكبريائه وتجسد الهوية الثقافية للحاضر.


بينما من أكثر ما يثير إحباط الزائر هو أن يرى المدن وقد صارت نسخة عن نظيراتها في كبرى المدن العالمية ولا تمثل هوية حضارية مميزة لتلك المدن، وفوق هذا هي غير مناسبة بيئيا لأجواء كأجوائنا الحارة مما يجعلها تستهلك قدرا أكبر من الطاقة لتكييفها.


وإن كان هذا الواقع مزعجا ومحبطا في مدن العالم، فهو مزعج ومحبط بشكل مضاعف في مكة المكرمة، فحركة تطويرها المعماري تبنت نمط الأبنية العالمية وقصرت في إبراز ملامح الهوية المعمارية الإسلامية.


وهذا ولد جفوة عاطفية بين أهل مكة وبين تلك المباني التي باتت تسود الآفاق بدلا من جبال مكة التي لأهل مكة علاقة عاطفية عميقة معها ولسان عاطفتهم يقول بمثل قول النبي عليه الصلاة والسلام عن جبل أحد «جبل يحبنا ونحبه».
وقد كتب مسلمون قاموا بالحج في صحف غربية مثل الجارديان والدايلي ميل عن عدم تلمسهم للهوية الحضارية والثقافية الإسلامية بشكل كامل، حيث لم يروا فيها سوى أبنية جديدة على الطراز الحديث وأسواق وماركات غربية.


فهي أيضا تفتقر للمرافق الثقافية اللائقة بمكانتها كالمتاحف الفاخرة والمعارض والمكتبات العامة والمراكز المخصصة لإقامة مناشط علمية وإعطاء دورات للزوار في اللغة العربية وما شابه بالإضافة لافتقارها للحدائق العامة والمجسمات الجمالية والساحات المجيدة الطابع، إضافة إلى دليل مطبوع لمرافق مكة لكي يستطلعها الزائر.


فمعمار ومرافق مكة تحتاج لأن تكون مجسدة لمكانتها وهويتها الدينية.

عكاظ 1433/12/24هـ