اقتصاديات الحج

الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وتجتمع فيه كل شعائر العبادات، ومن أروع ما يعلن الناس في الحج الشهادة بالوحدانية لله سبحانه وتعالى حيث يرددون الدعاء «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك». وفي الحج منافع الدنيا والآخرة أما منافع الآخرة فهو طلب رضوان الله تعالى والمغفرة والجنة وأما منافع الدنيا فيتمثل في كل ما يصيبون من منافع التجارة والصناعة في السلع والخدمات، قال تعالى: (وأَذن في الناس بالحج يأْتوك رِجالا وعلى كل ضامر يأتين من كلِ فج عميقٍ، ليشهدوا منافع لهم) سورة الحج. ويتم في موسم الحج تداول السلع والخدمات لتلبية احتياجات الحجاج وبذلك يتم إنفاق الملايين من الريالات في أيام معدودات من قبل الحجاج وفي مجالات متعددة مثل وسائل الانتقال وشراء المأكولات والمشروبات والملابس وشراء الهدايا ورسوم الحج والسفر والإقامة والذبائح. ولكن هذه التجارة يجب أن تتم في جو تعبدي روحاني فقد ورد في ظلال القرآن في هذا الصدد، ولابد أن يشعر من يزاول التجارة أنه يبتغي من فضل الله حين يتاجر وحين يعمل بأجر وحين يطلب أسباب الرزق، وأنه لا يرزق نفسه بعمله، إنما هو يطلب من فضل الله فيعطيه الله ويجب أن لا ينسى أن التاجر يبتغي من فضل الله وأنه ينال هذا الفضل حين يكسب وحين يحصل على رزقه من وراء الأسباب التي يتخذها للاكتساب وهو حين يبتغي الرزق فهو في حالة تعبدية لله سبحانه وتعالى. وعلى الرغم من توافر الفرص الاقتصادية في موسم الحج إلا أنه مازال العمل من أجل اغتنام تلك الفرص ضعيفة حيث مازلنا نجد أن معظم البضائع والخدمات اللازمة لموسم الحج تنتج في بلاد غير إسلامية وتقدم بواسطة غير المسلمين وبذلك تستفيد البلاد غير الإسلامية بهذا الرواج الاقتصادي كما أن المنتجات النهائية مثل الكماليات والهدايا تعتبر معدومة في الوقت الذي تتعطش الأسواق المحلية لمثل تلك المنتجات. ولاشك أن هذا الأمر يدفع قطاع الأعمال من أجل رسم استراتيجية اقتصادية طويلة المدى تشمل إقامة مشروعات اقتصادية تتناسب وقدسية المكان وعظمة المشاعر والنسك بالإضافة إلى تبني استراتيجية تسويقية تعمل على دراسة السوق والتعرف على ما يتطلبه مواسم الحج من سلع وخدمات وفي هذا تجسيد حقيقي لأهمية وحتمية التعاون والتكامل بين اقتصاديات الدول الإسلامية وتنمية التبادل التجاري في المنتجات وتسويقها في الأسواق المحلية والإسلامية والتي تتعطش لمنتجات قادمة من بلاد الحرمين الشريفين.

عكاظ 1433/11/28هـ