مؤتمر مكة والربيع الإسلامي
ها هي أعناق اليتامى والثكالى والشيوخ قد اشرأبَّت في شوق ولهفة نحو مهبط الوحي، ترقُب قرارات مؤتمر التضامن الإسلامي الاستثنائي، الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين، في يومي (26 - 27) من شهر رمضان المبارك، مُلبيًا بذلك -أيده الله- نداء المستغيثين بإنسانيته التي لا تخفى على أحد، فالشعب السوري الحر المناضل رجالًا ونساء وأطفالًا، شعراء وخطباء، أرسلوا بآلامهم ومحنهم إلى قلب الملك عبدالله -حفظه الله- لما توسَّموه فيه من خيرٍ مطبوعٍ على جبينه المُشرق، فلبَّى قلبه الحاني النِّداء، فكانت هذه الدعوة التاريخية العظيمة التي -بإذن الله تعالى- سيكون لها انعكاسات إيجابية على مستقبل العالم الإسلامي.
إنَّ التحولات السياسية التي شهدتها المنطقة العربية في الشهور الماضية، قلبت كل الأعراف والموازين السياسية، فمن عصر الديكتاتورية والسلطوية الرئاسية، وتكميم أفواه شعوب دول بعينها، إلى عصر احترام الفرد ورغباته ومشاركته في اتخاذ القرار، هذا التغيّر تولَّد عنه تغيُّر في الفكر السياسي للمنطقة بأسرها، بل امتد إلى الفكر العالمي السياسي، وأصبحت الدول الكُبرى تحسب للعالم العربي والإسلامي ألف حساب. لذا نأمل من جميع المشاركين في هذا المؤتمر أن يمتلئوا بشعور المنتصر الغالب الذي أصبح صوته يخترق آذان الأمم المتحدة، ومجلس الأمن وجميع الهيئات العالمية، ولن يتحقق ذلك إلا بالتضامن والتكاتف واجتماع الكلمة.
إن الغرب اليوم بجميع هيئاته وأطيافه يضعون أكفّهم على قلوبهم تخوفًا من نجاح هذا المؤتمر، لأنَّ نجاحه معناه ظهور قوة عالمية منافسة سوف تقف في وجه مخططاتهم ونفوذهم في العالمين العربي والإسلامي.
فالأمل ألا نُفوِّت على أنفسنا هذه الفرصة النادرة، فهذا المؤتمر سيرفع للأمة الإسلامية رؤُوسها إلى أعلى بإذن الله، وستستعيد به شموخها وعزها، إذا ما اجتمعت كلمتها، وتوحدت صفوفها.
الكل يأمل أن يصبح عيدنا هذا العام عيدًا فرحًا مبتهجًا بتجمع الكلمة والتقاء الأكف بالأكف، وإذا ما تحقق هذا الأمر فليبشر الجميع بذهاب هموم المظلومين والمقهورين من المسلمين في سوريا وبورما وكشمير وماندناو، ومنغوليا في الصين، وكوسوفا، وقبرص، ونيجيريا، وفي كل أصقاع المعمورة.
وحتى ينجح هذا المؤتمر، فإنَّ واجب جميع المسلمين أن يُشاركوا فيه، بأن يتوجّهوا إلى المولى عزَّ وجل في هذه الأيام الفضيلة بالدعاء الخالص للمولى عزَّ وجل بأن ينصر الإسلام والمسلمين، وأن يُؤلِّف بين قلوبهم، وأن يجمع كلمتهم، ويُوحِّد صفوفهم ويقهر عدوهم، وأن يُرجع للأمة الإسلامية مكانتها ومجدها وهيبتها بين الأمم، اللهم آمين.
جريدة المدينة 1433/9/22هـ