«جبل النور» منطقة سياحية
معظم المزارات الأثرية في العالم يرتبط تاريخها بأسماء أشخاص سكنوا في تلك الأماكن، أو مكثوا فيها بعض الوقت، أو مروا بها مرورا. وهي تأخذ جزءا كبيرا من قيمتها بارتباطها بتلك الأسماء.
حتى الولايات المتحدة الأمريكية ذات التاريخ الجديد جدا ــ مقارنة بتاريخ الأمم الأخرى ــ تعطي قيمة عالية للأماكن المرتبطة بأسماء أعلامها من سياسيين وأدباء وفنانين. في مكة المكرمة حماها الله، توجد منطقة محدودة ذات قيمة إنسانية ودينية وثقافية عالية، لو أنها في أي مكان في العالم، لاحتفى بها الأفراد قبل أن تحتفي بها الحكومات. المنطقة هي (جبل النور).
وقيمة هذا الجبل تأتي من ارتباطه بـ (غار حراء)، المكان الذي كان يتعبد فيه سيد الخلق محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. وهو المكان الذي نزل فيه سيدنا (جبريل) عليه السلام، بأول تنزيل من القرآن الكريم: (اقرأ)، على نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم. فماذا نريد بعد ذلك؟.
الجبل ــ أي (جبل النور) ــ بوضعه الحالي، لا يوحي بتلك المكانة المعنوية. ورغم اهتمام بلدية المنطقة به، إلا أن المسألة أكبر من مجرد إدارة حكومية تتولى مسؤوليته.
ومن يقارن القيمة المعنوية للجبل مع واقعه المادي، يندهش من المفارقات. وكأنه لا يوجد أحد من أبناء مكة المكرمة مهتم به أو بقيمته المعنوية، وهذا كلام غير صحيح. ففي مكة المكرمة رجال قادرون على تحويل هذه المنطقة إلى أفضل منطقة على وجه الأرض، كما هو حال المنطقة المركزية حول الحرم. المطلوب هو أن يتم تسليم (جبل النور) لرؤوس الأموال في مكة المكرمة للاهتمام به وتطويره وتحسين طرق صعوده وهبوطه. ورغم أن هذه مسألة اعتبارية، ولكن من الممكن أن تتحول البوفيهات البدائية الموجودة حاليا، ذات سقوف الصفيح، إلى أماكن نظيفة راقية مكيفة، مع زيادة عددها، وتوفير مرشدين متخصصين يتحدثون لغات متعددة، وكتيبات تحمل معلومات مهمة عن أحداث هذا الجبل وتاريخه العريق.
المسألة ليست صعبة، وتسليم الموقع لرؤوس الأموال لا يعني تحويله إلى تجارة بحتة أو أخذ رسوم على صعوده.. ولكن، تحويله إلى مكان راق متميز يتناسب مع تاريخه الراقي المتميز.. رجاء نرفعه إلى أصحاب القرار أن يتم تسليم (جبل النور ) لرؤوس الأموال المكية، والتركيز على (المكية) ليس تحيزا، ولكنه فقط من باب القرب والإشراف المباشر، لتحويله إلى منطقة ذات خدمات (5 نجوم) تتناسب مع المكان والمكانة حيث التقى سيد الملائكة مع سيد الخلق لأول مرة فيه، ومنه انطلقت رسالة البشرية للعالم أجمع.
عكاظ 1433/6/29هـ