حديث عن رجل صالح
ترجل معالي الشيخ صالح الحصين من وظيفته في رئاسة شؤون الحرمين الشريفين بطلب منه بعد أن أعياه المرض وتقدم به العمر فقبل طلبه بالإعفاء من ولي الأمر الذي يقدر أمثاله من الرجال المخلصين.
والحديث عن هذا الرجل الصالح معالي الشيخ صالح الحصين قد يطول لتعدد مواهبه وقدراته وصفاته الكريمة، فهو لم يسع في حياته إلى المناصب بل كانت هي التي تسعى إليه، وقد عين في عهد الملك فيصل في منصب وزاري أصبح من خلاله عضواً في مجلس الوزراء ولكنه لم يستمر فيه طويلا فطلب الإعفاء منه متفرغاً للعلم وللبحث ولحياته الخاصة ولكن ولاة الأمر ما لبثوا بعد سنوات طويلة من اعتزاله وانقطاعه عن العمل الإداري أن كلفوه برئاسة شؤون الحرمين الشريفين فاستجاب لما كلف به، ولكنه أخذ على نفسه عهداً ألا يصرح بشيء عن عمله الإداري وترك الإعلام يتعامل مع نائبه لأنه أراد أن يكون بعيداً عن الأضواء حتى وهو بمرتبة وزير ولكن الأضواء نفسها ظلت تلاحقه عندما كلف برئاسة الحوار الوطني فقاد مسيرته بدهاء وأناة وخبرة وجلد متجنباً الأضواء ما وسعه ذلك والشيخ الحصين إنسان يتميز بصفات فريدة قد لا تتوفر في جيله وربما في الأجيال التي بعده فهو رجل قانون من الطراز الأول ويجيد عدة لغات أوروبية منها الفرنسية والإنجليزية ولديه بحوث عميقة في مجال الاقتصاد والقانون وله رأي فيما يسمى بالبنوك الإسلامية سبق أن طرحه في أحد المواسم الثقافية التي تنظمها رابطة العالم الإسلامي خلال موسم الحج وهو رأي قد لا يعجب القائمين على البنوك الإسلامية، وهو محاور قوي لا يشق له غبار ولديه علم شرعي وفقه ودراية بأنظمة وقوانين الدول وهو جم الأدب شديد التواضع وقد رأيته عدة مرات خلال شهور رمضان من أعوام سابقة وهو يصعد إلى سطح الحرم مع غيره من المصلين عبر السلالم الكهربائية وفي الأيام العادية من العام يصلي في أي مكان خال في المسجد الحرام، فلا يطلب أن يُفرش له سجاد أو يحجز له مكان خلف الإمام، وبلغني عنه أنه إذا استلم راتبه الشهري أخذ منه خمسة آلاف ووزع الباقي على المحتاجين وقد عرف عنه الزهد ونظافة اليد ونقاء القلب واللسان وقد أطال الله في عمره ووفقه في عمله ومن يعرفه أكثر من معرفتي به يرون العديد من المواقف العجيبة عنه وكلها مواقف تدل على ورع وسمو خلق وصلاح عمل لأن له من اسمه نصيباً وافراً.. فهنيئاً له على ما قدم ونسأل الله لنا وله حسن الختام.
عكاظ 1433/6/24هـ