وكلُّ يدعي وصلاً بليلى!

تدور حول المسجد الحرام وفي المناطق المحيطة به والمؤدية إليه مشاريع حكومية ضخمة من توسعة للحرم وساحات جديدة وأنفاق موصلة إلى المنطقة المركزية وجسور وشوارع جديدة أو توسعة شوارع قائمة وكل ما ذكر حسن لا سيما إن كانت تلك المشاريع مرتبطة بمخطط عام معتمد، وقد لاحظت مثل غيري أن العديد من المسؤولين في عدد من الجهات الرسمية يتحدثون عبر تصريحات أو لقاءات صحفية عن تلك المشاريع وتفاصيلها وأهدافها وتكاليفها في بعض الأحيان بما يوحي لقارئ اللقاء أو التصريح الصحفي أن تلك المشاريع تتم تحت إشراف الجهة التي يعمل بها ذلك المسؤول، ولكنه قد يكتشف أن معظم المشاريع لا تمت بأي صلة إلى مهام الجهة التي يعمل بها أخونا المسؤول، وأن جهة عمله ربما عهد إليها بتنفيذ جزء معين من تلك المشاريع أو الاستفادة منها بعد التنفيذ، ولكنه بحثا عن الأضواء الكاشفة سخر ما يملكه من معلومات جمعها بطريقته الخاصة ليقدمها للصحافة وكأنه يوحي للمجتمع أن أطراف تلك المشاريع بين أصابعه يحركها كيف يشاء وما إن ينتهي قراء الصحف من قراءة تصريح صحفي أو لقاء مع مسؤول من هذه النوعية حتى يجد بعد أيام مسؤولا آخر يعمل في جهة أخرى يتحدث عن المشاريع نفسها طولا وعرضا ومسارا وهدفا وتكاليف ومراحل إنجاز وقبل أن تبرد حروف اللقاء الثاني يتحدث مسؤول ثالث في جهة ثالثة عن تلك المشاريع وهكذا دواليكم حتى زاد عدد المتحدثين والجهات التي ينتمون إليها عن خمس أو ست جهات وكل مسؤول يدعي وصلا بليلى وليلى لا تقر لهم بذاك ولعل سبب ما يحصل من تزاحم وتكالب على الحديث والتصريح عن تلك المشاريع الناجحة أن النجاح له ألف أب أما الفشل فليس له إلا أب واحد يحاول نفي أبوته أمام الناس! ولذلك فإن هذا التزاحم غير المبرر وغير المنطقي على تبني المشاريع القائمة في مكة المكرمة من عدة جهات لا يقدم صورة جيدة عن أولئك المسؤولين المصرحين للصحافة وكان بإمكان الواحد منهم الاكتفاء بالحديث عن المشاريع التي تنفذها الجهة التي ينتمي إليها بدل أن يكبر رأسه بالخروق!

عكاظ 1433/6/21هـ