نادي مكة يحفظ للكبير مكانته الأدبية

من المؤكد أن هناك أصواتا تصدح بين جنبات المبنى لا لتعزف لحنا يجذب الآذان بقدر رغبتها بإشعار الآخرين بصوتها لإثبات وجودها بالساحة سواء كان هذا التواجد سلبا أو إيجابا فتخرج النبرات الصوتية محملة بالنشاز لفظا ومعنى. 
وان حاول إنسان ما قول كلمة أو صياغة جملة عن واقع مؤلم نراهم وقد رسموا لوحة مخالفة لما تتناوله فخط قلمهم بحبر زائف وأنامل مأجورة مايخالف الحقيقة والواقع هدفهم جني ثمار مالية من هنا وأخرى من هناك. 
وان كان الشاذون بأصواتهم قد غزوا بعض مجالسنا وبتنا نراهم جالسين في الصفوف الأول داخل القاعات معتقدين أنهم قد نالوا مكانتهم وسط أفراد المجتمع فان الحقيقة تؤكد بأنهم إنما جلسوا على مقاعد يجهلون قيمتها الأدبية ونوعيتها الصناعية. 
وعقب الانتخابات التي شهدها نادي مكة الثقافي الأدبي تناثرت الأخبار وصيغت الشائعات عن صراع مقعدي لا خلاف فكري بين من وصلوا لأروقة النادي فتوقفت الأنشطة وعلقت الفعاليات حتى قيل إن النادي سيتحول بعد فترة قصيرة من انتقاله لمبنى المكتبة العامة إلى مجرد مبنى هيكلي يكسوه الغبار من كل جانب وستتحول الأرض التي يملكها إلى ملعب لكرة القدم أو موقف للسيارات. 
لكن الحكماء بفكرهم والأدباء بأخلاقهم قطعوا الأخبار وقضوا على الشائعات بخطوة قبلها البعض ورفضها البعض فدوروا المناصب وأعادوا إلى منبر نادي مكة الثقافي الأدبي روح الأدب والثقافة بقوة أكبر ونشاط أقوى وحيوية شبابية حاملين بين أيديهم مشعلين أحدهما يضيء للشباب طريقهم وثانيهما يحمل وسام تقدير للرعيل الأول من أدباء مكة المكرمة ومفكريها فكانت أولى الخطوات متمثلة في تبني أنشطة وفعاليات مقهى مكة الثقافي أو ما كان يعرف سابقا بــ “ مقهى هافانا “ ليكون مقر النادي موقعهم بعد أن صدرت موافقة إمارة منطقة مكة المكرمة على تولي النادي مسؤولية تنظيم أمسياته فأفسحوا للشباب الطريق وفرشوا لهم الدروب ومنحوهم الثقة لعمل أفضل. 
ولم يكن النادي أو مجلس إدارته من يصنع للمقهى خططه أو يصيغ نشاطاته إذ أفسح المجال أمام الشباب من أعضائه لتنظيم أمسياتهم في أروقته فبرز منهم القاص والشاعر وتشرفت بحضور بعض نشاطاته. 
وحينما حلت “ كتاتيب “ كنادٍ للقراءة يساهم في نشر القراءة والثقافة ويشارك المجتمع في بناء جيل واعد تذكرت ذاك الاسم القديم كان له قبل عقود وجود داخل الأحياء حيث يلتقي فيها الأطفال ليتعلموا قراءة القرآن واللغة العربية والحساب.
وان كان النادي قد تبنى الشباب بأعمال يشكر عليها فانه لم يغفل الرعيل الأول من أدبائنا فمنحهم حقهم وحافظ على مكانتهم فقدم بين أروقته مايحمل اسمهم ليؤكد لجيل اليوم أن لكل عمل قدم مكانة تبقى وجاءت أمسية “ أديب مكة المكرمة أحمد السباعي.. قراءة في آثاره الريادية “ والتي ألقاها الدكتور سحمي ماجد الهاجري لتكون بداية لأمسيات نأمل أن تستمر وتتواصل عن حياة أدبائنا الراحلين وان كنت كزائر حاضر استمتعت بما تناوله الدكتور سحمي الهاجري عن أديب مكة ومؤرخها ورائد المسرح السعودي فان أكثر ما جذبني هو تقدير النادي ومجلسه للسباعي ومكانته من خلال خيمة ثقافية حملت اسمه ليبقى للسباعي تواجده الدائم بالنادي وليؤكد النادي أن الكبير سيبقى كبيرا في أدبه وثقافته حتى وان غاب جسدا فسيبقى اسما وعلما بارزا.
وكم أتمنى من أولئك الذين تسلقوا السلالم على أكتاف الآخرين وتشدقوا بالمناصب التي خدعوا من حولهم بها أن الكبير سيبقى كبيرا في أدبه وثقافته ومكانته وسط المجتمع بما قدمه من أعمال. 
ومن يتشدقون بالأقوال وتغيب عنهم الأعمال فسيأتي اليوم الذي تغيب كلماتهم كما غابت أعمالهم.

الندوة 1433/4/28هـ