أسئلة وآمال لا تزال معلقة يا سمو الأمير

حضرت اللقاء الأول الذي عقدته صحيفة عكاظ مع سمو أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل و تحدث فيه عن استراتيجية المنطقة ومشاريعها التنموية التي تُعنى بالمكان و الإنسان ، ركز على المسئولية المشتركة ما بين المواطن و المسئول في إنجاز تنمية حقيقية. وقد استمعت لحديث سمو الأمير و طلبت المداخلة إلاّ أن الوقت لم يُتح لي الفرصة و بقيت لدي أسئلة و آمال معلقة أطرحها في هذا المقال.

ولعلي أبدأ بما يتعلق بالمسئولية المشتركة فإن الشراكة في تحقيق الأهداف يجب أن يسبقها شراكة في صنع القرار ، و الملاحظ أن التخطيط للتنمية في المنطقة جعله بعض المسؤولين يتم بعيداً عن إنسانها ، وعلى سبيل المثال المخطط الشامل في مكة المكرمة لم تُتح الفرصة لإنسانها للمشاركة في صنعه و ظل يتم بعيداً عنه ، فلا القيادات البلدية و لا رجال الأعمال و لا الأكاديميون و لا المعلمون و لا المطوفون و لا غيرهم من الأهالي شارك في وضع المخطط ، و كذلك مخطط جدة -حسب علمي- ، وكل ما يتم هو إطلاعهم على المخرجات و النتائج فقط !! فكيف نتوقع أن ينجح التخطيط بعيداً عن المعنيين به و المؤثرين فيه فضلاً عن أن يحقق المخطط أهدافه ، و كيف نحقق معهم شراكة حقيقية في التنمية وهم لم يشاركوا في صياغة مشاريعها؟

إن بعض المسئولين في الجهات المعنية بالتنمية في المنطقة لا يعيرون اهتماماً بمشاركة المواطن في صنع القرار و في صياغة مشاريع التنمية ، هم فقط يريدون منه المشاركة في التنفيذ لمشاريع و أهداف لا يعرفها و لم يشارك في وضعها. حتى أنهم لم يقتدوا حتى الآن بسمو أمير المنطقة في الجلوس مع الناس و إدارة الحوار معهم و رصد أفكارهم و مقترحاتهم للاستفادة منها برغم أن أصواتنا بُحت من المطالبة بالشراكة من أجل النجاح و ليس من أجل أي شيء آخر.


و أما ما يتعلق بالنقل العام فقد تم الحديث عن استكمال البنية التحتية ، و لم يتم الحديث عن البنية التنظيمية التي تتيح البدء في انطلاق مشروع النقل العام بشكل سريع دون انتظار البنية التحتية التي أصبحت الشماعة التي يعلق عليها المسئولون تقصيرهم في إنجاز منظومة النقل العام منذ عقود. و ظلت الجهات المعنية به -و هما بشكل أساسي وزارتا البلديات و النقل- تتبادل رمي كرته في ملاعبها.


قبل عشر سنوات أدرجت الهيئة العليا لتطوير مكة المكرمة موضوع النقل العام في مكة المكرمة ضمن مشاريعها ومن ثم أحالته لأمانة العاصمة المقدسة ، و للأسف خلال هذه السنوات العشر لم يتم إنجاز أي شيء في هذا الملف ، في حين أن أمارة دبي أنجزت خلالها منظومة نقل متكاملة ومنتظمة (تاكسي/ليموزين/حافلات/ميترو/ومؤخراً التاكسي النهري) وكذلك تركيا التي أضافت نوعاً جديداً و هو المتروباص. فالأمل الكف عن انتظار البنية التحتية و البدء مباشرة في البنية التنظيمية التي تسمح بتكوين شركات محترفة في هذا المجال و دعمها مادياً وتمكينها بشبكات اتصالات تعزز من أدائها جدواها الاقتصادية.


و أما العشوائيات فالمشاهد و الملموس هو التحرك نحو العشوائيات ذات الجدوى الاقتصادية أكثر من غير ذات الجدوى برغم أنها قد تكون الأكثر سوءاً و خطراً على المجتمع ، وهذا هو ما يُشعر أهل الأولى بالغبن من نزع ملكياتهم و تحويلها إلى ملكية شركات القطاع الخاص ، بينما الثانية ستتولى الدولة تطوير أحيائهم بشق الطرق و تأسيس البنى التحتية و المرافق ، و يتطلعون أن يتم تطوير أحيائهم بواسطة الدولة و أن يكون النزع للمصلحة العامة و في حدود الحاجة الفعلية لتأسيس البنى التحتية و المرافق فقط. و كذلك التحرك نحو بدء الهدم و الإزالة قبل توفير البدائل لإسكان مئات الآلاف من سكان العشوائيات المستهدفة هذا العام في مكة و جدة ، و هوما أدى إلى نشوء عشوائيات جديدة و توسع مساحة عشوائيات قائمة ، لأن المنتقلين من العشوائيات دون توفير البديل سوف لن يختفوا من الوجود و إنما سيبنون البديل في عشوائيات جديدة .. فالأمل أن يتم معاملة جميع العشوائيات بأسلوب واحد وهو قيام الدولة بأعمال التطوير دون تمييز على أساس الجدوى الاقتصادية ، فهذا هو الطريق الأسرع لتطوير العشوائيات بعيداً عن محددات القطاع الخاص التي سوف تعيق تقدم هذا المشروع الكبير و الهام من أجل (بناء الإنسان و تنمية المكان).
هذه هي الأسئلة و الآمال المعلقة يا سمو الأمير.

المدينة 1433/4/10هـ