«ما لا يعرفه البعض عن الخفاجي»
لازلت أتذكر تلك الأمسية الجميلة التي أقامها نادي مكة الثقافي الأدبي بمناسبة اليوم الوطني للمملكة وصوت الفنان محمد عبده يصدح وهو يغني:
كوكب الأرض عزيز في المدار
وبلاد النور درة كوكبي
بعث المختار فيها واستدار
زمن الأرض بتاريخ النبي
وهي من كلمات الأستاذ إبراهيم خفاجي وأنشدت في ليلة تكريمه بالنادي في مكة ولو اتسع الوقت لأنشد أغنية فوق هام السحب، وأمسية التكريم كانت برعاية صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد وزير التربية والتعليم الذي رحب بفكرة تكريم الخفاجي شاعر النشيد الوطني وقبل مشكورًا رعاية المناسبة وكان حريصًا على الحضور لولا تزامن هذه المناسبة مع مناسبة أخرى في نجران، واستجاب سموه لطلب نادي مكة بتهيئة القاعة الكبرى بالإدارة العامة للتربية والتعليم بمكة، ويشير الأستاذ علي أحمد فقندش في كتابه «أوراق في حياة الخفاجي» ص 68 ما يلي: (في شهر شوال 1431هـ في اليوم السابع عشر وبرعاية سمو الأمير فيصل بن عبدالله وزير التربية والتعليم احتفل نادي مكة الثقافي الأدبي بتكريم الشاعر المكي وشاعر الوطن إبراهيم خفاجي وسط كوكبة من نجوم الثقافة والفن والإعلام تقدمهم فنان العرب محمد عبده الذي وصل في نفس يوم التكريم «السبت» من أوروبا للمشاركة في تكريم الخفاجي). تغطية هذه المناسبة استحوذت على 30 صفحة من ص 66 – 96 حيث قدم سمو الأمير فيصل راعي الحفلة لوحة فنية رائعة هدية للمحتفى به وشيكًا مصرفيًا، كما تلقى الخفاجي دروعًا تذكارية من نادي الهلال ونادي الوحدة ونادي الاتحاد، وقدم كبير مذيعي البرنامج الثاني في جدة الأستاذ فريد مخلص سيفًا مذهبًا إضافة إلى الدرع الذي قدمه السيد علوي تونس.
الشيء الذي لا يعرفه البعض أن جامعة أم القرى قد قامت بتكريم الخفاجي في أعقاب مهرجان الجنادرية الثقافي عام 1416هـ حيث كان الأوبريت «عرائس المملكة» من كلماته، ولازلت أتذكر الكوبليه الأخير -حيث كنت أحد الحضور- الذي هز مشاعر الحضور وتفاعلوا معه إعجابا وطربًا وبإنشاد الرباعي طلال المداح، محمد عبده، عبدالمجيد عبدالله، راشد الماجد يرددون ما كتبه الخفاجي: فوق ألف مليون يصلون.. في كل ليلة وكل يوم.. لوجهة بلادي.. تعيشي يا بلادي.. تراثنا قيم وملوكنا قمم إلى أن يقول إحنا أشهر من علم إحنا خدام الحرم.. إلخ.
وخلال احتفال الجامعة الذي أقيم بفندق حياة ريجنسي بمكة تسلم الخفاجي درع إمارة منطقة مكة المكرمة ودرع أمانة العاصمة المقدسة ومفتاح سيارة جديدة مقدمة من دميل خوقير يرحمه الله، وما لا يعرفه البعض عن الخفاجي أنه لم يكن شاعر الأغنية المبدع فحسب ولكنه أحد رموز الثقافة في هذا الوطن، والرجل خطاط ويعشق الخط العربي وفنونه وخبير في الآثار، وفقيه في الدين وملم بكل المذاهب الأربعة، وهو خبير في جغرافيا الأوطان والأمصار، ومؤرخ يعتد بعلمه فلا غرو إذًا أن يتم تكريمه في مهرجان الجنادرية لهذا العام وحصوله على وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى بعد حصوله على ميدالية الاستحقاق من الدرجة الأولى عام 1405هـ، لقد أسر إليَّ الأستاذ الخفاجي في نهاية احتفال نادي مكة به بأن سمو الأمير فيصل بن عبدالله وزير التربية والتعليم لبى طلبه بنقل ابنه من إحدى ضواحي الطائف إلى مكة المكرمة ليكون بجوار والده الذي كان يتلقى العلاج في المستشفى استثناءً من التعليمات الصارمة في هذا الشأن وتقديرًا لمكانة الخفاجي الكبيرة في نفوسنا جميعًا، أذكر هذا الموقف لكي ينسب الفضل لأهله. وشكرًا لمن راعى القيم وحفظ الذمم.
المدينة 1433/3/22هـ