من يداوي ألم فوزي خياط

حينما تغيب الكلمة يغيب معها المعنى فتظهر على الورق كرسمة على لوحة صماء غير مستفاد منها شكلا وصورة ، لكن البعض يرون جمالها يكمن في مظهرها الخارجي حينما تكون بأحرف كبيرة الحجم وبرسم جذاب يسر الناظرين .

وحينما بدأت مشواري الصحفي داخل أروقة العزيزة “ النـدوة “ وقفت أياما أنظر صوب صفحة أسبوعية تحمل عنوان “ الكلمة نغم “ والتي كان يعدها ويحررها ويشرف عليها الأستاذ / فوزي عبدالوهاب خياط الذي ظل ملتزما بتقديمها في موعدها كل أسبوع رغم أعبائه التحريرية كمدير تحرير ثم نائب رئيس التحرير .

ومن “ الكلمة نغم “ إلى ملحق “ أحوال الناس “ الذي كان ينشر عادة كل يوم أربعاء في أربع صفحات يتناول قضايا المجتمع والأسرة والتربية والترفيه .

وفي الرياضة كانت للأستاذ / فوزي خياط زاوية كل يوم سبت إضافة إلى زاويته الأسبوعية بالصفحة الأخيرة “ حديث الاثنين “ وزاويته اليومية بالصفحة الأخيرة “ كلمة حق “ .

أعمال كثيرة وجهود مضنية قدمها الأستاذ / فوزي عبدالوهاب خياط ـ شفاه الله ـ طوال مشواره الصحفي حتى جاءت اللحظة التي يغادر فيها أروقة “ الندوة “ مجبرا ثم يعود رئيسا للتحرير ويبتعد بعدها بفترة ليستقر به المقام ككاتب أسبوعي بها .

ومن حروف كلمة وصياغة جملة كانت بداياتي الأولى بالعزيزة “ النـدوة “ فزاملت فيها الاستاذ / فوزي أياما وسنين كنا نجتمع مساء نتفق ونختلف على قضايا المجتمع وهمومه وكان أكثر اختلافنا ينحصر في عدد الصفحات المخصصة للرياضة وتلك المخصصة للمحليات والتحقيقات خاصة بعد أن توليت مسؤولية رئاسة قسم الشئون المحلية والتحقيقات فكان يرى أن الرياضة أكثر جذبا للقارئ خاصة حينما تتناول قضية هامة أو تنشر لقاء مع لاعب موهوب وجيد بينما المحليات والتحقيقات ينحصر دورها في الأخبار الاعتيادية والقضايا المستهلكة .

وحينما كان يكلف برئاسة التحرير أثناء سفر الأستاذ / يوسف دمنهوري ـ رحمه الله ـ كان يحيرني في طلباته ومتابعاته إذ كان يرى ضرورة تواجد “ النـدوة “ بكل مناسبة وتغطيتها بأسلوب مختلف وكان كثيرا ما يقول “ هيا ورينا التغطيات الخاصة والأخبار المميزة في المحليات حتى تأخذ مساحة أكبر في النشر “ لأنه يدرك مكانة “ الندوة “ لدى القراء وخاصة قراء مكة المكرمة التي إذا ذكرت “ النـدوة “ ذكر فوزي خياط وإذا ذكر فوزي خياط ذكرت “ الندوة “.

وقبل أيام قلائل هاتفني بعض الإخوة الزملاء متحدثين عن الأستاذ / فوزي خياط وما ألم به من ألم أجبره على التوقف عن الكتابة فسألت وتساءلت أين نحن ممن علمونا صياغة الخبر وكتابة العنوان ؟.
أين نحن من أولئك الذين سهروا الليالي ليخرجوا لنا صحيفة تنقل خبرا سعيدا وحدثا مهما ؟
أين نحن من أمثال الأستاذ / فوزي خياط الذي تنقل بين صفحات الصحف كاتبا وبين الإذاعة معدا لبرامج ؟.

من المؤسف والمؤلم أن يكون مصير الصحفي السعودي مجهولاً ويكون ألمه على الفراش محصوراً داخل منزله لا يسمع أنينه أحد ولا يحمل دواءه أحد .
إن الأستاذ / فوزي خياط ـ شفاه الله ـ لم يكن صحفيا عاديا أو كاتبا عاديا فقد برز دوره المؤثر في الصحافة السعودية عامة والرياضية خاصة ومن الصعب أن ينسى القراء عناوينه الرياضية المثيرة وألقابه التي أطلقها على بعض اللاعبين من أمثال ماجد عبدالله الذي سماه بــ “ جلاد الحراس “ والسهم الملتهب “ وناصر علوي لاعب الوحدة الأسبق “ الرمح المشتعل “ وهو أول من أطلق لقب الأنيق على اللاعب “ خالد مسعد “ لاعب النادي الأهلي والمنتخب .

أمنيتي ليست دعوة بأن يسعى أحد رجال الأعمال أو المسؤولين للتكفل بعلاج الأستاذ / فوزي خياط فمثل هذه الأمنية باتت بعيدة المنال لكن ما أتمناه أن يكون للصحفي السعودي تكريم يليق به بعد سنوات من العطاء مثله في ذلك مثل الفنان والرياضي والشاعر .

وليت هيئة الصحفيين السعوديين تبدأ خطواتها الأولى في تكريم الصحفيين القدامى على غرار تكريم اتحاد الصحفيين الخليجيين لمؤسسي الصحافة السعودية .

فالأستاذ / فوزي خياط ـ شفاه الله ـ لا يبحث اليوم عمن يداوي ألمه بقدر بحثه عمن يداوي وفاءه للصحافة .

الندوة 1433/3/19هـ