مشاريع ضخمة بلا مخطط عام!
تواترت الاخبار المنشورة عن وجود مشاريع حكومية واستثمارية في أم القرى تبلغ تكاليفها عشرات المليارات من الريالات، بل إن عددا من المشاريع الاستثمارية المعلن عنها في المنطقة المركزية وحدها فاقت تكاليفها التقديرية الاولية مائة مليار ريال، وهي مرشحة لنقل العاصمة المقدسة في حالة تنفيذها بأمانة واخلاص وحسن تخطيط وقوة تنفيذ لتصبح مدينة عصرية باهرة خلال سنوات معدودات ولكن ما ينبغي ملاحظته هو ان المخطط العام المستقر لمكة المكرمة لم يظهر إلى حيز الوجود بعد على الرغم من الحديث عنه على مدى نصف قرن أو اكثر، ولا أتذكر انني قرأت عن رصد مبالغ مالية للصرف منها على وضع مخطط هيكلي تنظيمي عام لأم القرى بحيث لا يخرج أي مشروع حكومي او استثماري عن إطاره العام، وأن تكون جميع المشاريع منسجمة مع البنية الاساسية التحتية والفوقية لهذا المخطط من خدمات وتمديدات وطرق وجسور ومعابر وشوارع منظمة ونقل عام ونحوها من الامور الحضرية والحضارية، ففي حالة الانسجام سوف نضمن ان ما سينفق على تلك المشاريع الحكومية والاستثمارية سيكون في محله وأن ما سينفذ منها سبيقى في الخدمة لعشرات السنوات محققا ما هو متوقع منه من ارباح مقابل ما يقدمه لمستخدميه من راحة وخدمات، أما ان نفذت تلك المشاريع ان بعضها بعيدا عن مسارات واتجاهات المخطط التنظيمي العام لمكة المكرمة فإن ذلك يعني ان العديد من المشاريع التي ستنفيذ قد تزال في وقت لاحق لعدم انسجامها مع المخطط العام للمدينة او تعدل او تلغي او تعطل وفي ذلك كله إهدار للمال والوقت والجهد، وعليه فإن اول ما ينبغي القيام به هو إقرار مخطط تنظيمي عام مدروس والاعلان عن تفاصيله الكاملة حتى يصبح المواطنون والمستثمرون والجهات الحكومية التي لديها مشاريع تنموية في العاصمة المقدسة على دراية تامة بما يشتمل عليه المخطط وتكون كل مشاريعهم منسجمة معه وبذلك يصبح الجميع على بينة من أمرهم ولعل الهيئة العليا لتخطيط مكة المكرمة والمشاعر المقدسة تسارع الى وضع واعتماد المخطط العام المنشور والاعلام عنه مع وقف أي اجتهاد يتعارض معه، أما الاكتفاء بالحديث عنه ما يزيد عن نصف قرن فإن ذلك كله لن يخدم مصلحة عامة او حتى خاصة والله أعلم!
عكاظ 1433/1/23هـ