نادي الوحدة.. أنموذج الأندية الرياضية

الفكرة قد تبدو جدلية إلى حد كبير. هل المطلوب من النادي الرياضي في كل مدينة أن يقدم لمشجعيه ومؤيديه (الكؤوس)، وأن يقف في نهاية كل موسم رياضي على منصات التتويج؟، أم أن المطلوب منه هو خدمة المجتمع الموجود فيه، وخدمة أبنائه بالبرامج الثقافية والاجتماعية والترفيهية؟.

قد يكون التوجه السطحي، أو بكلمة ألطف، التوجه الشعبي، ميالا للجدلية الأولى، أي أن يقدم (النادي الرياضي) الكؤوس لمحبيه ويصل في نهاية الموسم إلى منصة التتويج، بغض النظر عن الدور الذي يقدمه أو يقوم به في المجتمع.

(نادي الوحدة) الرياضي، هو نادي مدينة مكة المكرمة الأول، وقد تأسس ــ حسب ما تشير بعض المراجع ــ عام 1334هـ تحت اسم (المختلط)، ثم مر بمراحل اسميه متعددة وصل في نهايتها إلى اسمه الحالي (الوحدة). بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا على مسمى الفريق وتاريخه، إلا أن الفكرة الأساسية هي أن تأسيسه كان يتضمن أهدافا اجتماعية لجمع أبناء حارات مكة المكرمة المتعددة حول هدف واحد وفكرة واحدة، وهي خدمة أبناء مدينة مكة المكرمة واستثمار طاقاتهم وتوحيدها. علما، أن (نادي الوحدة) ظل يخدم هذه الفكرة ويعززها على مدار تاريخه الطويل، رغم سيطرة لوثة الكؤوس والتتويج على ذهنية الكثير من مجالس إدارات الأندية الرياضية في أرجاء الوطن.

المطلوب في ظل القيادة الجديدة لـ (نادي الوحدة) ممثلة في مجلس إدارتها الواعي بأهمية الدور الذي يلعبه النادي الرياضي في المجتمع، أن لا ينساق وراء طلب الجموع بالوصول إلى منصات التتويج، فمنصة التتويج الحقيقية هي ما يقدمه النادي لأبناء مدينته، عن طريق البرامج الاجتماعية والثقافية والرياضية، ليكون هو محور ارتكازهم وبوتقة تحفيزهم على النجاح الحياتي، بعيدا عن المفهوم الشعبي بأن النجاح لا بوابة له إلا عن طريق الكؤوس..

رجاء نرفعه إلى أصحاب القرار في (نادي الوحدة) الرياضي، أن يستعيد النادي نشاطاته الاجتماعية والثقافية والرياضية المنصبة حول مفهوم (وحدة) المجتمع وتطوير وعيه العام، ولم شمل كافة شرائحه المتعددة لبناء مفهوم وعي اجتماعي جديد. فالبحث عن منصات التتويج هو وهم شعبي يستنفد مجهود النادي بكافة طاقمه، ولا يجب أن يكون هو الغاية، ولكنه واحد من الأهداف الثانوية، فلو حقق النادي الدور الاجتماعي المطلوب منه، فإنه يحقق بذلك بناء الإنسان، وهو الأكثر أهمية من بناء رفوف جديدة لكؤوس جديدة.

عكاظ 1433/1/9هـ