تحديات خدمة الحجيج ..على مرّ الزمن

لقد شرّف الله هذا الوطن بخدمة ضيوف بيته الحرام وزوار مسجد رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم استجابة لدعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام. وبوأ نفراً من أهل هذه الديار اختارهم لهذه المكانة ضمن منظومة أعمال الحج مابين الجهات الحكومية والأهلية (مؤسسات أرباب الطوائف) من المطوفين والزمازمة في مكة المكرمة والأدلاء بالمدينة المنورة والوكلاء في جدة ..الذين توارثوا المهنة أباً عن جد.. ولقد تطورت هذه الخدمة طوال العقود المنصرمة لترتقي عاماً بعد عام ..ولكي يدرك جيل اليوم قفزات التطوير التي شهدتها هذه المهنة ورعاية الدولة لها دون مقابل لابد أن نستقرىء التاريخ لنعرف البدايات حين كان الحجاج ينزلون في بيوت الوكلاء بجدة في زمن الخدمة الفردية قبل نحو (70) عاماً ..

فهم أول من يستقبل الحجاج وآخر من يودعهم من المؤسسات وتلك حقبة لها طابع عمل وإمكانات تحكى العهد القديم الذي عانى فيه الآباء والأجداد لتأدية هذه الخدمات كما عانى الحجاج بالبقاء أسابيع طويلة في جدة ورحلة الحج وكانت نسب الحجاج القادمين بالبواخر حينذاك 45% ، 25%عن طريق البر والباقي 30% عن طريق الجو ثم أنشأت الدولة مدينة حجاج البحر لتستضيف الحجاج ومع تزايد حجاج الجو تم إنشاء مطار جدة (الشرفية) في التسعينات الهجرية ومع تطور العمل وتنامي الأعداد القادمة عن طريق الجو أنشأت الدولة مطار الملك عبدالعزيز الدولي عام 1401هـ ومجمع صالات الحج وفي عام 1405هـ بلغ القادمون بالبحر 50,72% وبالبر 18,52% أما الجو فبلغ 75,76% واليوم انخفض عدد القادمين بالبحر إلى أقل من1% والبر 6% وارتفع الجو ليشكل 93% كما طوّرت الدولة صالات الحج بمطار الأمير محمد بن عبدالعزيز بالمدينة ليساهم مع مطار الملك عبدالعزيز في استقبال الحجاج وعود على ذي بدء نلاحظ اهتمام الدولة بتطوير المرافق التي تخدم الحجاج في جدة ومكة والمدينة فضلاً عن استحداث المشروعات التي ساهمت في انسيابية الحجيج وسلامتهم ومنها قطار المشاعر ومرافق الجمرات وأصبحت تجربة المملكة في إدارة تلك الحشود مثالاً يحتذى به حيث زادت أعدادهم من مائة ألف إلى مليون و800 ألف ناهيك عن حجاج الداخل الذين يبلغون المليون.. وما كان لتلك الخدمات أن تشهد تلك النجاحات إلا بتوفيق وعون من الله تعالى ثم جهود وإمكانات الدولة التي سخرّتها وتعاون كافة الجهات في منظومة الخدمة التي يكمل بعضها بعضاً.وتلك هي تحدّيات خدمة الحجاج وللأمانة والتاريخ لايمكن التحدث عن انجازات الحج ورعاية شؤونه دون ذكر رئيس لجنة الحج العليا صاحب السمو الملكي ولي العهد وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز الذي يعدّ المهندس الأول لخطط الحج وكذلك سمو أمير منطقه مكة رئيس لجنة الحج المركزية وأمير منطقة المدينة ومعالي وزير الحج الذين عملوا بكل جهد وإخلاص لتحقيق ما يصبو إليه الملك المفدى ..ويسجل هذا العام للدولة النجاح الكبير في قطار المشاعر وإدارة حشود رمي الجمرات رغم انطلاق حوالي300 ألف حاج للرمي في الساعة الواحدة كما يسجل لوزارة الحج إقناع بعثات الحج لتنازل حوالي 800 ألف حاج عن التعجل في يومين والبقاء إلى اليوم الثالث عشر الأمر الذي أعطى الفرصة لتوزيع الأعداد على مدار 48ساعة ولعل السر في النجاح يكمن في متابعة القيادة و حرص كافة الجهات على بدء التخطيط لكل موسم قادم بعد الإنتهاء والعمل على التطوير والتعديل لتحقق الأهداف.

ولكن ثمة ملاحظات مازالت قائمة وتستدعي الدراسة والحلول العاجلة ومنها:

 

• ضرورة علاج أمر الحجاج غير النظاميين بإعادة النظر في أسعار حملات الحج للداخل التي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً .. ولابد من استحداث شركات ودعمها لتقديم أسعار تشجعية لأنه على الرغم من تعليمات وزارة الحج كانت الاعتذارات (انتهى التسجيل وليس هناك متسع)

 

• وربما كان الحل في إسناد حج الداخل للفئة المخفضّة لمؤسسات أرباب الطوائف التي ماتزال تتقاضى 1029 ريالا حتى اليوم عن كل حاج لقاء العوائد مع النقل وخيام المشاعر بحيث يستوعبون غير القادرين ويضمونهم إلى حجاج الخارج

 

• لابد من الضرب بيد من حديد على المتورطين في التلاعب بلحوم الأضاحي والحكم عليهم بما يكون عقاباً صارماً لهم وعبرة للأخرين والنشر عنهم..وقد بادر صاحب السمو الملكي أمير منطقة مكة بإصدار أوامره للقبض عليهم

 

• ضرورة إحكام الرقابة على منفذ الشميسى للقضاء على المتسللين فلقد تحدث البعض عن تلاعب بعض شركات حجاج الداخل وتنازلهم عن التصاريح أو التأجير لمواقعهم من الباطن ليتولى متعاقدون (مُشّغِلون) تنظيم حملات حج فيها الأمر الذي يستوجب عقوبات صارمة للمتورطين مصحوبة بالتشهير لأن ممارساتهم تؤدي إلى إرباك خطط الحجيج..

 

دوحة الشعر...

 

بياض ثيابهم شـارات طهر

 

وصفو نفـوسهم طلّ الغمام

 

وفود الحج يا خـير الوفود

 

فطبتم في الرحـيل وفي المقام

المدينة 1432/12/18هـ