عدنان باديب.. من خيرة من عرفت
حدونا الوفاء للتعبير عن الثناء والتقدير لمن هو جديدر بذلك من المهتمين بالشأن العام وذوي المكانة الأدبية والاجتماعية ومن عرفت فيهم الصدق والوفاء والاخلاص من الاصدقاء الأعزاء، وهذا النوع من الأصدقاء هم من تسعد بتواصلك معهم وتشعر بالأسى عند فقد احدهم، ومنذ ايام فقد المحبون ــ وأنا أحدهم ــ صديقاً عزيزاً اعتمدت صداقته على الود والتقدير والاحترام المتبادل وهي مثاليات اخلاقية تسمو على المصالح المادية والمجاملات المصطنعة التي لا تلبث تزول سريعاً مع ابسط المؤثرات التي تسود العلاقات الشخصية، واعني بالصديق الفقيد (عدنان أحمد باديب) الكاتب الصحفي المشهود له بالوطنية والاخلاص في المجتمع المكي لما كان يعبر عنه في كتاباته من اهتمام بتطوير مرافق الخدمات العامة في العاصمة المقدسة.
وصداقتي مع الأخوين: الكابتن طيار غازي أحمد باديب والفقيد الاستاذ عدنان أحمد باديب رحمه الله هي امتداد لصداقتي وزمالتي لوالدهما العم أحمد عبدالله باديب رحمه الله ففي سنوات مضت كنا زميلين في العمل الوظيفي في الخطوط الجوية السعودية (مكتب المدير العام)، وكنت وزملائي ابناء جيلي ندعوه بعبارة (العم أحمد) احتراما له لأنه اكبرنا سنا وأعمق خبرة في الحياة العامة وفي الممارسة العملية.
اما الكابتن غازي باديب فقد عرفته مبكرا منذ ان أحضره والده الى مقر مصلحة الطيران في مطار جدة القديم بقصد الحاقه بمعهد سلاح الطيران (القوات الجوية) وقد أكمل دراسته للطيران الحربي وتدرب على الطيران بطائرات سلاح الطيران، وفيما بعد تقدم وبعض زملائه بالتماس الى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع والطيران والمفتش العام بطلب النقل للعمل على طائرات الخطوط الجوية السعودية، وتم النقل واصبح الكابتن غازي باديب من الطيارين الاكفاء في الخطوط السعودية وتدرج في كادر الطيارين الى أن اصبح مسؤولاً قيادياً في ادارة العمليات الجوية حتى نهاية خدمته التي حفلت بالعطاء والاخلاص.
وصداقتي للفقيد عدنان احمد باديب رحمه الله تكونت منذ اكثر من ثلاثين عاماً منذ ان برز في ممارسة العمل الصحفي والكتابة في الشؤون الاجتماعية وانضم الى اسرة تحرير جريدة (الندوة) في عهد الاستاذ حامد مطاوع رحمه الله ثم اختاره الصحفي الرائد الاستاذ صالح محمد جمال رحمه الله ليكون مديراً لتحرير مجلة (الغرفة التجارية الصناعية) بمكة المكرمة حين كان الاستاذ صالح جمال رئيسها وبعد وفاة الاستاذ صالح جمال رحمه الله تولى الاستاذ عدنان باديب رئاسة تحرير مجلة الغرفة وقد كانت حوافز تعرفي عليه وصداقتي الحميمة له زمالتي لوالده رحمه الله (حوالي عشر سنوات) وتعاطفي مع كل من يقدر دور ورسالة الصحافة في خدمة المجتمع، يعزز هذا ما كان يتميز به الفقيد الاستاذ عدنان باديب من دماثة الأخلاق والشعور الوطني والنضوج الفكري وخفة الظل ونقاء الوجدان وهكذا كان تواصلي مع الفقيد عدنان باديب خلال ثلاثة عقود مضت وقد التقيت به عدة مرات بزيارتي له في مقر الغرفة التجارية بمكة حين كان يرأس تحرير مجلتها، ونظرا لما لمسه من اعتزازي بذكريات اقامتي في مكة منذ عقود مضت وبمناسبة قرب حلول شهر رمضان في ذلك العام دعاني للكتابة عن ذكريات عن شهر رمضان في مكة واستجبت لطلبه وكتبت بعض ذكرياتي ونشرها في المجلة، ودعاني ذات مرة للمساهمة في الكتابة في عدد المجلة الخاص بتطور الصناعة الوطنية وكتبت فيها موضوعا بعنوان (دور الخطوط الجوية السعودية في تطور الصناعة الوطنية) وحين وفاة الاستاذ أحمد محمد جمال رحمه الله ولما يعرفه الفقيد عدنان عن مدى ما أحمله للاستاذين صالح وأحمد جمال من التقدير والاجلال هاتفني وطلب ان اكتب لمجلته مقالا عن الفقيد، وقد كتبت في حينه مقالا بعنوان (أحمد جمال ومثالية الاخاء) وبقدر ما شعرت به من الأسى العميق لفقد علمين من أعلام مكة ودعاة الخير والاصلاح في بلادنا (الاستاذين صالح وأحمد جمال رحمهما الله) اشعر بالأسى لفقد من تتلمذ في مدرستهما واتخذ منهما القدوة الحسنة (عدنان احمد باديب) رحمه الله وأثابه على ما بذل من جهود في خدمة الوطن وخدمة العاصمة المقدسة بصفة خاصة وخالص العزاء لجميع أفراد اسرة الفقيد. والله المستعان. .
الندوة 1432/11/21هـ