أين ذهبت ملاحظات الجمعية؟!
ونحن نقترب من موسم حج عام 1432هـ، رأيت أن من المناسب الإشارة إلى بعض ما جاء في تقرير الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان لعام 1431هـ عما لاحظته الجمعية من أمور تحتاج لمعالجة من قبل جهات الاختصاص، متسائلين عما إذا كانت ملاحظات الجمعية قد وجدت الاهتمام المطلوب وعولجت بطريقة جيدة، أم أنها قد ذهبت أدراج الرياح!.
فقد لاحظت الجمعية أن الطاقة الاستيعابية لمشعر منى في حدها الأقصى عن طريق استخدام الخيام المطورة المضادة للاحتراق السريع، هذه الطاقة لم تزد على مليون ومائتين وخمسين ألف حاج، يتزاحمون على نحو ثمانين ألف خيمة ويتراصون فيها مثل سمك السردين؛ لأن الخيمة التي مساحتها أربعة في أربعة أمتار مخصصة لعشرة حجاج، ولكن يسكنها حاليا ستة عشر حاجا مع وجود فائض في عدد حجاج عام 1431هـ يبلغ نحو مليون وأربعمائة ألف حاج لم يكن لهم نصيب في الخيام، حيث بلغ العدد الإجمالي لموسم حج 1431هـ مليونين وسبعمائة وثمانين ألف حاج من الداخل والخارج، فكيف لا يحصل افتراش قسري وبمئات الآلاف في الشوارع والطرقات، وكيف لا يضيق المشعر بسكانه من الحجاج، وتقرير الجمعية يشير إلى إشغالات فيه غير مبررة لإدارات حكومية عدة بلغت المساحات التي تشغلها أكثر من ثلاثمائة وستين ألف متر مربع، لذلك فإن من أهم توصيات الجمعية أن يتم نقل مقرات الأجهزة الحكومية التي لا تقوم بعمل ميداني مباشر إلى خارج مشعر منى تنفيذا للأمر السامي الكريم الصادر في عام 1410هـ لضمان حق الحاج في المبيت، مع العمل على زيادة الطاقة الاستيعابية لمشعر منى ببدائل مضافة مثل البناء على سفوح الجبال بما يضاعف تلك الطاقة إلى أضعاف عدة ويصبح المشعر قادرا على استيعاب خمسة ملايين حاج على الأقل قابلة للزيادة، مع توقع أن رفع الطاقة الاستيعابية لمشعر منى إلى خمسة ملايين حاج كفيلة لو حصلت بتغطية حاجة ضيف الرحمن من المسكن في المشعر لخمسين سنة قادمة!، فإلى متى يبقى التردد سيد الموقف مع وجود توجيهات سامية وفتاوى عديدة تحث على البناء في منى، لا سيما فوق سفوح الجبال؟!.
كما لاحظ تقرير الجمعية مشكلة عدم وجود دورات مياه كافية في المشاعر المقدسة عرفات ومزدلفة ومنى، مما يؤدي إلى تكدس أعداد كبيرة من الحجاج أمام دورة مياه وامتلائها وسيلانها في الشوارع، وهذه من أسوأ صور الحج حيث رأيت بأم عيني حاجا مريضا بالسكري لم يستطع إمساك بوله بعد أن جلس ينتظر دوره أمام «حمام» في مزدلفة لمدة ساعتين أو أكثر.
وعلى أية حال، فقد أبرأت جمعية حقوق الإنسان ذمتها أمام الله ثم أمام ولاة الأمر بما أشارت إليه من ملاحظات وتبقت ذمة المسؤولين في جهات الاختصاص!.
عكاظ 1432/10/22هـ