آداب مكانة مكة .. ضوابط لمشروعاتها
بلد الله الحرام مكة المكرمة القبلة التي يتجه نحوها أكثر من ألف مليون مسلم خمس مرات في اليوم تعيش ورشة عمل بسبب المشاريع العملاقة التي تحتضنها وفي طليعتها توسعة الملك عبدالله للحرم وغيرها من المشاريع التي دشنها أو وضع حجر الأساس لها الملك عبدالله في التاسع عشر من رمضان، أعقبه المشروع الذي أعلنه سمو أمير منطقة مكة المكرمة في العشرين من رمضان ويحمل اسم: مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لإعمار مكة وهو مشروع منفصل عن ما تم تدشينه من قبل الملك أشرنا إليه بشيء من التفصيل في الأسبوع الماضي، وهذا المشروع أشار إليه أمين العاصمة المقدسة في لقائه في صحيفة المدينة، وأن ما تم رصده من ميزانية تقديرية للمرحلة الأولى منه تقدر بـ23 مليار ريال، أحدثكم اليوم عن مشروع آخر (قائم بذاته) يقع بجوار بوابة مكة يتضمن مشاريع كبرى في هذه الضاحية تشمل منشآت للمقار الحكومية (مجمع حكومي) ومبنى لإمارة منطقة مكة المكرمة، وحياً سكنياً يتضمن مدارس التعليم العام وجامعة جديدة ومستشفى خيريا لعلاج الأورام يحمل اسم الأمير سلطان يقيمه أحد رجال الأعمال على نفقته الخاصة ومقراً لموسوعة (السلام عليك يا رسول الله).
وقد أشار سمو الأمير خالد الفيصل إلى أن الإجراءات الأخيرة لتسليم وزارة الصحة قطعة أرض ضخمة مساحتها 4 ملايين وثلاثمائة ألف متر مربع قد استكملت إجراءاتها حيث يعتزم بناء مدينة طبية تحمل اسم الملك عبدالله كبديل للمدينة الحالية المقترحة والواقعة غرب مزدلفة وأن التصاميم النهائية للمدينة الطبية ستستكمل في نهاية العام 2011م وأن العمل الفعلي للتنفيذ سيكون في مطلع الشهر الثالث من العام الميلادي القادم، إضافة إلى حديقة ومنتزه كبير يخدم الحي الجديد والمرتادين وذلك على مساحة واسعة تناسب حجم المشروع .
إن ما يجري في مكة المكرمة شرفها الله من مبادرات ومشاريع في طليعتها التوسعة الكبرى للملك عبدالله للحرم المكي الشريف مدعاة للفخر والاعتزاز تشاركنا كل القلوب التي تهوى الأفئدة إليها في مكة المكرمة بكل إصلاح وتطوير وإعمار يستهدف سكان مكة قاطنين وحجاجاً وعماراً وزائرين، وهناك مسؤولية أدبية كبرى تقع على كاهل كل واحد منا بالحرص على تذليل الصعاب وتيسير أداء المشاريع والتسريع فيها ما أمكن ذلك وكلنا في سباق مع الزمن، والظروف بفضل الله مواتية، ولا خير فينا لو أهدرنا الوقت، حينها نندم حين لا ينفع الندم.
إن الحديث عن مكة المكرمة وإعمارها له آداب يحسن على كل منا أن يتدبرها، وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك من ينادي بإزالة كل المباني التي تعلو الكعبة المشرفة والحرم، وفي هذا الصدد فقد سعدت بمكالمة هاتفية مع معالي السيد أحمد عبدالوهاب نائب الحرم كان يتحدث بفخر وإعجاب عن المشاريع في مكة المكرمة وفي مقدمتها توسعة الملك عبدالله التاريخية للحرم وكيف أنها ستسجل بصحائف من نور في ميزان حسناته وفي معرض حديثه أشار معاليه إلى التوسعة الأولى في عهد الملك سعود وكيف أن المهندس المصري الباشا جاء مع وفد من المهندسين ليشرح للملك فيصل على الموكيت عن مشروع التوسعة وفي لحظات الانتظار سأله معالي السيد أحمد كيف تعلو التوسعة على الكعبة المشرفة فرد الرجل: (إن هذا الأمر لم يكن غائباً عن الأذهان فنحن ننظر كمسلمين للكعبة على أن لا يعلوها شيء مهما طال لأنها متصلة بالسماء وهذا هو الشعور الذي يلزم أن ينتابنا كل ما نظرنا إليها) انتهى.
لهذا فإن النقد الموجه نحو الارتفاعات الحادة للأبراج الخاصة بوقف الملك عبدالعزيز يلزمنا قبوله لأنه أصبح واقعاً ونأمل أن لا يتكرر في هذه المنطقة وقد وعد سمو أمير المنطقة بذلك ولعل ما يعزينا هو أنه ستصبح ملكيته كاملة لحساب أوقاف الحرم المكي لتستمر النفقة بسخاء على الحرم للصيانة والتشغيل حتى لو شحت الموارد البترولية لأي سبب في المستقبل.
الأمر الآخر هو رجاء نوجهه لصاحب السمو الملكي أمير منطقة مكة المكرمة فكما سعى لتحرير مشاريع جدة العاجلة للحماية من السيول من قيود البيروقراطية المقيتة في تنفيذ المشاريع فإننا نعلق الكثير من الآمال بأن يرفع للمقام الكريم بطلب استثناء مشروع إعمار الملك عبدالله لمكة المكرمة من البيروقراطية وتحريره منها وقد فعلها المليك سلمه الله في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية وجامعة نورة وكلها مشاريع رائدة تم قطف ثمارها بفضل الله، وإن غداً لناظره قريب.
المدينة 1432/10/8هـ