صورة مكة الجديدة

** قلتُ قبل هذه المرة.. إن مكة المكرمة تختنق

** وأقول اليوم.. وبعد أن تابعت كغيري تفاصيل المؤتمر الصحفي الذي عقده سمو الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة مساء أمس الأول في جدة عن مشروع "إعمار مكة المكرمة " أقول إن المزيد من الخير قادم..

 

** فالحلول الجذرية التي أرساها "مشروع الملك عبدالله" لإعمار وتطوير العاصمة المقدسة ومعالجة أوضاع الأحياء العشوائية ومخطط إدارة التنمية الحضرية.. وإنهاء مشكلة ازدحام الحركة المرورية والمشاة بإنشاء شبكة طرق دائرية وإشعاعية وقطارات خفيفة ونقل عام.. وأجرة منظمة.. توفر في الحقيقة حلولا عملية جادة لكل ما يشكو منه الناس .. مواطنين.. ومقيمين.. ومعتمرين.. وحجاجاً..

 

** والأجمل من هذا .. أن نشهد مكة المكرمة بعد أقل من ست سنوات وقد تخلصت والحمد لله من كل تلك المشكلات والاختناقات.. وتحولت إلى مدينة عصرية..

 

** والأمير خالد.. بوصفه المشروع بأنه مشروع وطني، إنساني، تنظيمي، عمراني ، تخطيطي وأمني" أعطانا صورة واضحة عن أنه لا يوفر حلولاً للمشكلات فحسب.. لكنه يجسد حقيقة الحلم بأن تصبح مكة المكرمة .. شرفها الله واجهة حضارية متقدمة.. بهويتها العمرانية المتميزة.. وطابعها الحضاري المتفرد.. وطبيعتها الخاصة أيضاً..

 

** ولا شك أن مكة المكرمة.. تستحق كل هذا.. وتستحق معه المزيد والمزيد من الحلول العملية والعلمية لبقية المشكلات التي كانت تعاني منها.. وجاء الوقت لكي تتخلص منها .. وهي كما قلت وأكرره اليوم.. ممثلة في مشكلة المقيمين فيها بدون وضع قانوني.. وينتشرون في أحيائها.. ولا يرغبون في العودة إلى بلدانهم ومفارقتها.. وبعضهم وُجد فيها منذ عشرات السنين..

 

** كما أن القضية الأهم والتي لم يسبق لي أن تطرقت إليها.. هي ضرورة إيقاف أي مبانٍ جديدة حول منطقة الحرم بعد اليوم - مهما كانت الأسباب والضرورات - لأن الكثير من المباني الحالية المقامة فيها سوف لن تكون موجودة بعد عشر سنوات من الآن إن لم يكن أقل من ذلك.. بعد أن اختنقت المنطقة المركزية المحيطة بها كثيراً.. وبعد أن فرضت الزيادة في أعداد الحجاج والمعتمرين نزع ملكيات كبيرة من المنطقة الشمالية والشمالية الغربية لصالح التوسعة العظيمة الجارية الآن..

 

** وإذا نحن سمحنا لأنفسنا بأن نتصور أعداد الوافدين بعد خمسين سنة من الآن.. فإننا سوف ندرك أنه لابد من نزع جميع الملكيات الواقعة في إطار الخمسين كيلو متراً المحيطة بالمسجد الحرام لمواجهة تلك الزيادات المتعاظمة.. وهي زيادات طبيعية وتلقائية.. تضطرد .. باطراد زيادة عدد سكان العالم الإسلامي.. وزيادة سكان مدينة مكة نفسها..

 

** وحتى لا تتكلف الدولة صرف ملايين الريالات لأغراض التوضيع في المستقبل المتوسط والبعيد .. فإن تجميد مشاريع أي منشآت جديدة يصبح ضرورة..

 

** تلك ناحية أما الناحية الأخرى.. فإن تملُّك غير المواطنين السعوديين في مكة المكرمة الذي كان ممنوعاً.. يبدوا أنه لابد وأن يعود كذلك.. بما في ذلك تملُّك بعض الأخوة الخليجيين الذين أقبلوا بصورة كبيرة على أراضيها لأغراض استثمارية..

 

** وفي تصوري أن إخراج مكة المكرمة والمدينة المنورة .. من المعادلة الاستثمارية بات مسألة حيوية وضرورية.. لأن رقعة مكة بصورة أكثر تحديداً ضيقة.. ولأن استغلال المناطق البعيدة عن منطقة الحرم بما فيها المنطقة الجبلية لأغراض سكنية واستثمارية من قِبل المواطنين فقط.. كافية لتحقيق جميع الأهداف..

 

** وأمام إخوتنا الخليجيين وغيرهم كل مساحات مدننا الأخرى المفتوحة.. وليس لدينا مشكلة في أن نسعد بوجودهم معنا.. وقريباً منا..

 

** لكن ما أريد أن أشير إليه في هذا المقال.. ونحن نتحدث عن مستقبل مكة القريب إن شاء الله هو الطريق الممتدة من جدة إلى مكة .. أو الطرق التي تصل مكة بغيرها من مدن المملكة.. كالمدينة المنورة.. والرياض وجازان والقصيم وغيرها..

 

** هذه الطرق تحتاج هي الأخرى إلى معالجات جذرية.. تبدأ بالتخطيط الجيد.. وبتوفير الخدمات المختلفة على امتدادها.. وتوفير أسباب السلامة فيها.. لأنها غير مؤهلة تأهيلاً صحيحاً.. شأنها في ذلك شأن جميع الطرق التي تربط مدن المملكة بعضها بالبعض الآخر..

 

** وتحديداً فإن طريق مكة - جدة ..لا يجوز أن يظل كما هي حاله الآن.. وبالتالي فإنني أتمنى أن تشمله خطة التطوير.. والتأهيل.. ليس فقط من أجل تحسينه كواجهة مهمة إلى مكة المكرمة حرسها الله.. وإنما كمصادر للاستثمار الجيد والمنظم والمفيد في آن معاً..

 

** فهو بحاجة إلى استراحات نظيفة.. وإلى خدمات هاتفية واتصالية كافية وإلى خدمات مختلفة على امتداده .. حتى يصبح مفيداً.. ولائقاً.. ومضيئاً أيضاً لأن مساحته صغيرة .. ولا أظنها تشكل عبئاً كبيراً على الدولة.. كما أنه يمكن أن يتحول إلى مصادر استثمارية جيدة لأفضل المطاعم.. والجلسات الهادئة أيضاً..

 

** وعلى العموم..

 

** فإن مكة المكرمة.. تستحق كل هذا.. وتستحق معه الخير كل الخير.. لها.. ولأهلها.. ولمن سعدوا بالإقامة فيها.. و "يابختهم"..

 

***

 

ضمير مستتر

 

** (الأشياء الجميلة تكتمل.. كلما تضافرت الجهود والسواعد لتحويلها إلى مصادر للراحة والطمأنينة قبل المال).

الرياض 1432/9/23هـ