إلا حرمة الموتى

«إن كنت لا تدري فتلك مصيبة، وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم».
ينطبق هذا البيت من الشعر على أمانة العاصمة المقدسة. فهي لا تدري أن في بعض أحيائها أمواتا انتهكت حرماتهم، أصبحت مقابرهم مكبا للنفايات، ومستودعات للعمالة السائبة، ومأوى للحيوانات الضالة، ومكانا لمخلفات البناء.

نعم.. الأمانة «لا تعلم شيئا عن مقابر الناصرية» هذا ما قاله الناطق الإعلامي لوكالة الخدمات في الأمانة سهيل مليباري (صحيفة المدينة المنورة، 12 شعبان 1432هـ، ص 9) ولما كانت لا تعلم فـ «لم يتم تسويرها» وألقت الكرة في مرمى المواطن. صحيح أن عليه واجبات وله حقوق، لكن بعض الأجهزة الحكومية تحمله أكثر مما يحتمل، فالمواطن الذي اكتشف المقبرة كان من واجبه ــ حسب الناطق الإعلامي أيضا ــ «التبليغ عنها لدى إدارة التجهيز للوقوف عليها» أي أنه إذا لم يبلغ فليس من واجب الأمانة أن تتحرك، وتتابع، وتفتش، ولا عليها لوم لوجود خمس مقابر منتهكة حرمات موتاها (مقبرة الناصرية بمخطط الفيحاء، ومقبرة الـهنداوية التي انـهارت جدرانـها، وبقيت على حالـها دون تحرك من أجل إعادة بنائها، وانتهاء بثلاث مقابر في حي المنصور، يستغلها بعض مالكي الورش لتخزين معدات الصيانة).

تأكدت جمعية حقوق الإنسان في مكة المكرمة من الانتهاكات.. وقفت لجنة منها ــ وفقا للعضو الدكتور محمد السهلي ــ «على مقبرة الـهنداوية، ووجدت تسربات مياه، ورمي نفايات، ورصدنا خلال زيارتنا العديد من الملحوظات، ووجود مشكلة في التعامل مع المقابر النائية المتناثرة بمكة، وقبل فترة وجيزة وقفت على مقبرة أصبحت مرمى للنفايات والمخلفات، ولا يعرف بعض الناس أنـها مقبرة».

ودخل على خط انتهاك حرمة الموتـى الدكتور أحمد بنانـي (الأستاذ السابق في كلية الدعوة قسم عقيدة بجامعة أم القرى) جازما بأن «حرمة المسلم ميتا وحيا كحرمته حيا» وشدد على أن المسلمين يتعاملون «مع مقابرهم على مدى التاريخ باحترام، من خلال صيانتها، وتسويرها، والاهتمام بـها، حفاظا عليها من العبث، ودخول الحيوانات إليها».
اتقي الله يا أمانة العاصمة المقدسة، إلا حرمة الموتـى.!!

عكاظ 1432/9/22هـ