رفقا بمياه زمزم
تبدلت الأحوال وتغيرت في عصرنا الحديث، فصارت سلوكيات المسلمين وأخلاقهم سببا في تنفير الآخرين من هذا الدين، ومحاربته، وتشويه كتابه الكريم، ورسوله الشريف. وأخيرا، جاء الدور على مياه زمزم، لينالها من الظلم والعدوان من المحيطين بها، ما جعل الغرب - الذي يزعم حرصه على الإنسان، وهو مصدر كل الموبقات المهلكات للبشر- يشن حملة شعواء على ماء زمزم، باعتباره «غير صالح للاستعمال الآدمي» ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فلقد أعلنت جهات مسؤولة في لندن عدم صلاحية زمزم للشرب، بعد أن قامت بتحاليل لبعض هذه المياه.
وأنا لا أشكك في دقة هذه التحاليل وصحتها، ولكن كان على هذه الجهات الحريصة على العلم، وصحة الإنسان - إن كانت هي كذلك بالفعل - أن تتوخى الدقة في العينات التي حصلت عليها من هذه المياه، بل أن تعلن على الملأ مصدرها في ذلك.
لم تدخر حكومة خادم الحرمين الشريفين جهدا من أجل الاهتمام بزمزم ومياهها، فقد صرح الدكتور عبدالعزيز السروجي مدير معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج، أن المعهد يقوم بتحليل ماء زمزم من البئر منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاما، لم يثبت خلالها وجود تلوث بالمياه .. أين الخلل إذن؟
أطماع بعض الناس والمقيمين، الذين يقومون بتعبئة مياه زمزم في عبوات غير صحية، ويتم تخزينها بصورة غير سليمة، حيث تباع للزائرين إلى مكة، بل ويتم نقلها إلى خارج البلاد.
وجهل بعض الزوار، الذين بدورهم يقومون بتعبئة زجاجات وعبوات غير صحية، وتتعرض لحرارة الشمس لفترة طويلة، ثم يأخذونها معهم إلى بلادهم، وقد تظل في منازلهم في ظروف غير صحية، لشهور أو أعوام، يشربون منها على أمل الشفاء مما يحل بهم من أمراض، وهي في الحقيقة قد أصبحت -لجهلهم- سببا في الأمراض.
فالرقابة الشديدة على المتاجرين بمياه زمزم، بحيث لا يتم استخدام عبوات غير مطابقة للمواصفات، وأن يتم طرح هذه العبوات بسعر التكلفة، حتى لا تمثل عبئا على المشتري، كما ينبغي أن تتم الرقابة على طريقة التعبئة، بحيث لا ندع مجالا لتلوث هذه المياه، وأقترح أن يتم منع أي فرد من القيام بهذه المهمة، على أن تطرح الجهات المعنية العبوات السليمة بمياه زمزم للأفراد والتجار، وأن توضع على هذه العبوات من الخارج نصائح وإرشادات للحفاظ على سلامة هذه المياه.
كما يجب أن تتم عملية توعية للحجاج والزائرين بقيمة هذه المياه، وكيفية المحافظة عليها، وأن صيانتها وحفظها واجب على كل حاج ومعتمر.
عكاظ 1432/8/12هـ