حمزة شحاتة .. شيخ الرواد «1ــ2»

.. ثلاثة لا رابع لهم من بين الجيل الأول من رواد الأدب في بلادنا هم وحدهم الذين كان بديع نثرهم بمستوى رائع شعرهم: حمزة شحاتة، ومحمد حسن فقي، ومحمد حسن عواد.. عليهم رحمة الله.

ولئن كان الفقي، والعواد، قد حرصا بمقدار ما وفرته لهما الإمكانات نشر معظم نتاجهما خلال حياتهما، فإن شحاتة لم يحفل أبدا بنشر شيء من شعره، أو نثره إلا ما ضمه الديوان الذي تكفل بإصداره صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله الفيصل رحمه الله، أو ما أصدره الأستاذ عبد الحميد مشخص، والأستاذ عبد العزيز الرفاعي من نثر له وكل ذلك لا يمثل شيئا يذكر من نتاجه الوافر.. عليهم جميعا رحمة الله.

لذا كان الجهد مضنيا لاصدار «الأعمال الكاملة» للأديب الكبير الأستاذ حمزة شحاتة في ثلاثة أجزاء أولهما شعر، والثاني والثالث نثر، وذلك ضمن سلسلة «كتاب الاثنينية» والذي يقول في «كلمة الناشر» صاحب الاثنينية الأستاذ الأديب عبد المقصود محمد سعيد خوجة: قيل إنه جاء «من خارج الزمن».. وهو وصف يتماهى إلى حد كبير مع الأستاذ حمزة شحاتة «رحمه الله» الذي كان أطيافا من الإبداع في إهاب رجل واحد، فهو أحد أهم الشعراء السعوديين المعاصرين، سعيد أن أفرد لمجموعة أعماله الكاملة هذا الإصدار المميز، لما له من تأثير عميق في الساحة الثقافية، وهو أثر لم يزده تعاقب السنين إلا توهجا وعلوا، وكلما أمعن الباحثون والدارسون في تتبع آثاره الأدبية أدركوا أنهم أمام قمة أدبية لها دلالاتها الخاصة وشخصيتها المميزة، وهو ما دعا الأستاذ الكبير عزيز ضياء «رحمه الله» إلى تأليف كتابه «حمزة شحاتة قمة عرفت ولم تكتشف» راسما ملامح ذلك المبدع، ومؤطرا شخصيته بقلم الصديق والدارس والباحث المتعمق في نتاجه شعرا ونثرا، ومما يذكر أن عملنا هذا يتضمن نشر ما لم ينشر من إبداعات شاعرنا الكبير، وذلك بمناسبة مرور مائة عام على مولده، مستهلا بنشر جميع ما لم ينشر.

ألقى شاعرنا وأديبنا الكبير عام 1359هـ / 1940م ــ وهو ابن ثلاثين عاما ــ محاضرة في جمعية الإسعاف بمكة المكرمة، ظلت علامة فارقة في الأدب السعودي المعاصر، بعنوان: «الرجولة عماد الخلق الفاضل» متجاوزا العنوان الذي كان مقررا أصلا «الخلق الفاضل عماد الرجولة»، كانت ولم تزل غاية في العمق والقوة، والمتعة والفائدة، جمع فأوعى من خلالها، ورغم طول المحاضرة فإن الحضور لم يملوا الاستماع، مأخوذين بأسلوبه الفذ، وعلمه الغزير، وترابط أفكاره وتناسقها..
وإلى الغد لنرى كيف تم إنجاز هذا العمل الرائع.

عكاظ 1432/8/9هـ