الجواهر الحسان في تراجم الأعيان 1/2

أدركت وأبناء جيلي أواخر السنوات التي كان للعلماء والفقهاء والمحدثين حلقات في رحاب المسجد الحرام، يأخذ منها طلاب العلم ما يحرصون على التزود به من أصول الدين، وفقه القرآن، أو أصول الحديث، وقواعد اللغة والأدب، وما خلفته العصور السابقة من تاريخ الإسلام والأزمان.

العلامة الفقيد الشيخ زكريا بن عبد الله بيلا (1329هـ/1413هـ) من علماء تلك السنين الذين كان المسجد الحرام زاخرا بهم وقد وضع مؤلفا طبع في مجلدين بعنوان:
الجواهر الحسان في تراجم الفضلاء والأعيان من أساتذة وخلان
وذلك بعد أن تولى دراسته والتعليق عليه كل من فضيلة الشيخ العلامة الدكتور عبدالوهاب إبراهيم أبو سليمان، والشيخ محمد إبراهيم أحمد علي. وقد تفضلت الأستاذة ثريا زكريا بيلا عليه رحمة الله بإهدائي نسخة من الكتاب، ومما جاء في مقدمة التحقيق الذي كتبه المحققان الفاضلان: إن من توفيق المولى جل وعلا أن هيأ لنا الأسباب لتحقيق كتاب (الجواهر الحسان في تراجم الفضلاء والأعيان من أساتذة وخلان) للعلامة الفقيه المؤرخ فضيلة الشيخ زكريا بن الشيخ عبدالله بيلا رحمه الله تعالى أحد آخر علماء البلد الحرام، وفقهائه الكرام، وقد وفقنا المولى عز وجل، وامتن علينا بخدمة هذا العمل العلمي النفيس، الذي يصب في سلسلة التاريخ العلمي لمكة المكرمة، في القرن الرابع عشر الهجري، وقد ذاع صيته في الوسط العلمي المكي، فأصبح صدوره أمنية كل عالم وباحث، يتشوف إلى رؤيته، ويتطلع ليوم ظهوره، وهو وليد في حجر مؤلفه، وتشاء إرادة الله عز وجل أن ينتقل مؤلفه إلى جوار ربه ولم ينته من تأليفه، بل ظل معتنيا به، منشغلا بتحريره.
وتهيئ الأقدار الإلهية ابنه الأكبر الأستاذ عبدالله بيلا أن يقوم برعاية تراث أبيه، وهو الأستاذ الجامعي المتخصص في اللغة العربية، فيقدر القيمة العلمية لتراث والده حق قدرها، ويوليها العناية والاهتمام، وبخاصة هذا الكتاب الذي يمثل حلقة مهمة في التاريخ العلمي، والفقهي لمكة المكرمة.

عرضنا عليه ــــ تطوعا ــــ العناية الشخصية من قبلنا بهذا السفر الجليل، وتحقيقه حسبما تقتضيه أصول التحقيق العلمي الحديث في صورة تضمن التسلسل التاريخ العلمي لبلد الله الحرام، الذي حرص عليه أسلافنا في الماضي رحمهم الله تعالى فكان منه التجاوب الفوري رحمه الله تعالى.

وإذا قد وفقنا الله تعالى بعد سنوات عديدة من العمل الدؤوب لإنجاز هذا العمل في تاريخ علماء البلد الحرام: مواطنين، ومقيمين، ومجاورين، وحجاجا، ووافدين، ودارسين، حاولنا قدر طاقتنا في إخراجه بصورة علمية مشرفة تتناسب وموضوعه، مع الاعتراف بالتقصير، إننا نقدمه إلى الوسط العلمي في بلادنا بكل عز، وافتخار، سائلين المولى جل وعلا أن يكون خالصا لوجهه الكريم، وأن يكون عونا للباحثين في تاريخ مكة المجيد، فمكة المكرمة ما زالت ولا تزال مبدعة، معطاءة، غنية بتراثها، فخورة برجالها، مكرمة مشرفة، ومباركة.
إنها الهبة الإلهية الدائمة الأبدية.
قدمنا قبل متن الكتاب قسمين رئيسين:
القسم الأول: حياة المؤلف رحمه الله تعالى.
القسم الثاني: دراسة الكتاب.
وإلى الغد لنرى ما احتوى عليه القسمان اللذان أشار اليهما المحققان جزاهما الله بالخير.

آية: يقول الحق سبحانه وتعالى بسورة العنكبوت: (ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون).

وحديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة».
شعر نابض: للشاعر الكبير حمزة شحاتة رحمه الله:
وتهيأت للسلام ولم تفعل
فأغريت بي فضول رفاقي
هبك أهملت واجبي صلفا
منك، فما ذنب واجب الأخلاق؟

عكاظ 1432/6/20هـ