من ذكريات حارة الشامية
عندما تعود بك الذكريات للماضي الجميل تتذكر الناس الطيبين وتتذكر أماكن تواجدهم وحارتهم. شريط من الذكريات راودني بعد خروجي من المسجد الحرام بعد صلاة المغرب حيث اوقفت سيارتي في أحد المواقف وذهبت إلى المسجد الحرام لاداء الصلاة، ان الماضي الجميل الذي كنا نعيشه قد حفر في ذاكرتنا أشياء وأشياء فقد تذكرت عندما كنت أخرج من باب الزيادة بعد صلاة العصر الى بيتنا في الشامية أتذكر الأزقة والدكاكين والناس الطيبين والبرحات، وأنا أسير على قدمي. شريط الذكريات راودني في تلك اللحظات وكأني ارى أمامي مركاز عمدة الشامية العم عبدالله بصنوي رحمه الله الرجل الوقور والمحبوب من الجميع وهو يجمع كبار رجال الحارة يتحدثون ويتناولون شاهي العصر المشهور، رجال كلهم شهامة وعطاء ونخوة ثم اتجه الى برحة إلياس وهناك أشاهد مركاز العم علي قاسم ومركاز العم حسن مارنقا ومركاز والدي رحمه الله كانوا يجلسون يقضون العصرية مع فنجان شاهي العصر مع اصدقائهم وأحبابهم وكنت أجلس معهم واستمع وأستفيد، وكان يمر علينا الشاعر الكبير طاهر زمخشري رحمه الله حيث كان يذهب إلى مقر الاذاعة في جبل هندي وعند نزوله يبتسم ثم يلقي علينا بعض الأبيات الشعرية الجميلة لا نلبث أن نسجلها في ورقة صغيرة، ونحتفظ بها مثل :
أهيم بروحي على الرابيه
وعند المطاف وفي المروتين
يا الله ما أجملها من قصيدة، وعند سماع أذان المغرب الكل يتحرك ويتجه إلى الحرم المكي الشريف عن طريق باب الزيادة الشهير لأداء الصلاة ثم الطواف بالبيت والمكوث في الحرم حتى صلاة العشاء.
ما أجملها من أيام وما أجمل الناس الذين كانوا في الشامية ومازلت أذكر العم عبدالرحمن خياط والعم سراج أبو ناجي وأخانا فوزي خياط بأناقته وكلامه الجميل والعم أحمد زيني وعلي مختار وعبدالله شعيب وحسن منور وغيرهم شخصيات لها طابع خاص كل له اسلوبه في الحديث والاقناع، وكنا نأخذ من هذا ومن هذا حلو الكلام وأطيبه، ان الناس في ذلك الوقت صحيح لا يحملون شهادات عالية ولكن كل واحد منهم كان لديه مخزون كبير من الشعر والحكمة والفوائد، تجلس معهم قليلاً حتى تخرج بفوائد كثيرة تفيدك في حياتك. اللهم ادم المعروف واصلح لنا هذا الجيل من الشباب انك سميع مجيب الدعاء.
الندوة 1432/6/14هـ