معاناة التعويضات في مكة المكرمة

اتصل بي وقابلني العشرات من أصحاب العقارات التي نزعت في مكة المكرمة من أجل تنفيذ المشروعات التنموية للصالح العام .

ورافق ذلك النزع للعقارات الكثير والكثير والعديد من الشكاوى والتظلمات ضد.. «لجان التقدير «.. وبخاصة.. «مندوب وزارة المالية».

فلقد لفت نظري بشدة ذلك الحوار الذي أجري مع الشريف منصور أبو رياش عضو لجنة التثمين العقاري في نزع ملكية عقارات المشروعات التنموية ورئيس اللجنة العقارية بغرفة مكة المكرمة.

والمنشور بصحيفة المدينة بعددها (17442) يوم الاثنين 20/2/1432هـ. صفحة (4). حيث دعا في حواره بقوله إلى المثمنين إلى مراعاة ضمائرهم حتى لا يظلم أحد. وقال: «الفقير لا يستطيع أن يسكن أو يستأجر أو يتملك أرضا داخل مكة المكرمة بأنها حقيقة.

ودعا إلى إعادة النظر في تشكيل لجنة التثمين العقاري حتى لا يطفو عليها الفكر البيروقراطي الإداري وبحيث تكون بنسبة 50 % مستثمرين ومثلها للإداريين الذين يمثلون قطاعات حكومية مختلفة. وكذلك اطلعت على مقال أخي وصديقي الحبيب الدكتور عبد الله مرعي بن محفوظ والمنشور بصحيفة المدينة بعددها (17444) يوم الأربعاء 22/2/1432هـ. صفحة (20).

وهو مقال مفيد لوزارة المالية. في هذا المقال خصوصا أريد أن أقول إن الناس من أصحاب العقارات المنزوعة في مكة المكرمة تتركز شكاواهم من مندوب وزارة المالية أثناء عمليات تقدير العقارات، فلدي أسئلة كثيرة أضعها أمام الجهات المعنية ومنها:
1 ــ لماذا تنفرد وزارة المالية بالتحكم في المجريات الإدارية والمالية في اللجنة، وبدون موافقة مندوب المالية لا قيمة لأي قرار يتخذ من قبل هذه اللجنة.
2 ــ لا أبالغ حين أقول وبصوت صريح وعال للمسؤولين بأن مندوب وزارة المالية هو الذي يثمن وبقية الأعضاء مجرد .. «مشاركين».. مع احترامي الشديد لكل الأعضاء، ولكنها الحقيقة التي ينبغي أن تصل إلى آذان المسؤولين ويفهمونها على حقيقتها دون تزييف للواقع؟، فالناس منزعجة بسبب أنه لم ولن يجد البديل المناسب للمبلغ الذي عوض عنه.

3 ــ اللجنة للأسف الشديد لا تراعي متطلبات وضغوطات السوق العقارية في مكة المكرمة الواقعية، ولا يثمن للناس عقاراتهم المنزوعة وفق معطيات السوق العقاري الذي هو في ارتفاع وعلو مستمر بطريقة مجنونة، وخاصة في مكة المكرمة، وبالذات بعد عمليات الإزالة والهدم لكثير من الأحياء والحارات القديمة، مما دفع بأصحابها للبحث عن البديل.

4 ــ يبخس تقدير الناس في عقاراتهم، وهذا أمر لا يقبله ولاة أمرنا ــ رعاهم الله ــ فعندما علم الملك خالد بن عبد العزيز ــ رحمه الله ــ بالظلم الذي لحق أصحاب العقارات المنزوعة لمشروع بناء قصر بجبل أبو قبيس بمكة المكرمة، أمر ــ بمضاعفة قيمة التقدير إحقاقا لحقوق الناس.

والسؤال الشرعي والنظامي والعرفي هو أن أي قرار يتخذ عادة بالأغلبية فهو القرار النافذ، فلقد قضت المادة (3/9) باتخاذ قرار التقدير بالأغلبية وأعني هنا المرسوم الملكي رقم
(م/15) وتاريخ 11/3/1424هـ. إذن يتضح من خلال هذه المادة النظامية أنه ليس من حق مندوب وزارة المالية «التفرد».. الذي يؤدي تأكيدا لظلم المستحقين من ملاك العقارات، والغريب أن النظام يعطي المتظلم التوجه لديوان المظالم. وهذا يعني دخوله في دوخة وتعب ومشقة للمواطن قد تصل لسنوات حتى تنتهي القضية في ديوان المظالم، وقد لا ينفذ قرار ديوان المظالم كما تعودنا من بعض الأجهزة الحكومية.

وهذا التفكير يؤدي إلى إرباك ديوان المظالم كثيرا بسبب كثرة طلبات الشكاوى، وهو أمر لا داعي له، حيث يمكن حلها بإعادة النظر في هذا النظام وتحديد دور مندوب وزارة المالية، وتنفيذ القرارات التي تتخذها اللجنة بالأغلبية.

أرغب أن أصل إلى نتيجة واحدة أضعها أمام صاحب السمو الملكي وزير الشؤون البلدية والقروية ووزير المالية للرفع للمقام السامي الكريم بإعادة النظر في نص مواد نزع العقارات للصالح العام وفقا لمقتضيات ومتغيرات وضغوطات المرحلة، وإفرازاتها مع تعميد اللجان المتخصصة لنزع العقارات باعتماد قرار .. «الأغلبية».. وعدم الالتفات لقرار .. «الأقلية».. فإن تنفيذ هذا المقترح يساعد على تحقيق المصلحة العامة للشعب والذي ترغب الحكومة في إعطائه حقه كاملاً .

والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض، وساعة العرض، وأثناء العرض.

عكاظ 14/3/1432هـ