مبرة شهداء الحرم المكي

في يوم السبت 15/10/1420هـ. وفي جريدة البلاد بعددها (15882) وبالصفحة الأخيرة طرحت قضية مهمة للغاية كان المجتمع المكي وما زال يبحث لها عن أجوبة، وحتى الآن ما زلنا نسأل نفس الأسئلة القديمة الجديدة، وهي وضع ومستقبل .. «مبرة شهداء الحرم»..، وذلك بكتابة مقال عبر رسالة لصاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز رئيس مجلس إدارة المبرة. قلت فيه:
«أنت تدرك أيها الكريم أن الهيئة الاجتماعية لا تقوم إلا بالتعاضد والتعاون والتآزر. وأنت قادر يا سيدي على استخراج كنوز هذا المشروع. لتنفق منه على ذوي الحاجات والمستحقين من منسوبي هذا المشروع. والغريب أن الصحافة المحلية لا تعلم شيئا عن فعاليات واجتماعات مجلس إدارة هذا المشروع والذي يترأسه سموكم الكريم. ولا نعلم من هم أعضاء المجلس الحالي خاصة بعد وفاة بعض أعضائه ــ رحمهم الله وأسكنهــم فسيح جناته ــ.
إن هذا الشعب سمح كريم الشمائل جدير بأن يخدم. وهذه الأسر الكريمة في حاجة إلى لمسة ووقفة حيوية من مقامكم الكريم بخطة طموحة حاشدة طويلة النفس والقامة تستلهم روح الحاجة والعصر وتستبق المستقبل.

إن النتيجة النهائية في سلم النجاح أو عدمه لأي مشروع لا تقاس إلا بمدى تحقيق الهدف منه. والنجاح لأي مشروع حضاري لا يفرضه يوم واحد، وإنما يتأتى النجاح عندما يتأكد استمرار مفعوله. وإن حوار النجاحات المنطلقة هو أساس خصوبة الرقي والتمدن ومصدر الحيوية».

وقد عقب مجلس المبرة بمقالة نشر بجريدة البلاد بعددها (15904) يوم 7/11/1420هـ. جاء فيه: «يود مجلس المبرة أن يوضح للجميع ردا على تساؤلات الكاتب الأستاذ كتبي حسب ما ورد في زاويته:
1 ــ إثر أحداث الحرم المكي الشريف أوائل شهر محرم الحرام عام 1400هـ، صدر البيان رقم 4093 وتاريخ 21/1/1400هـ، عن الديوان الملكي يتضمن أنه اتصل بحكومة الملك المعظم ــ يرحمه الله ــ بعض المواطنين للتبرع لأسر الشهداء الذين لقوا ربهم أثناء تأديتهم واجبهم في الدفاع عن بيت الله الحرام وتطهيره من أدران الزمرة الضالة، وشكر البيان الملكي هؤلاء المحسنين، وأوضح بأن جلالته أمر بوضع تنظيم تتكفل الدولة به بأسر أولئك الشهداء مراعية جميع الظروف المحيطة بهم على اختلافها، وبتشكيل لجنة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز للنظر في ما يتجمع من تبرعات المواطنين على مختلف فئاتهم لوضعه في مشروع خيري بمكة المكرمة ليكون فيه باب الخير المستمر للشهداء. ثم صدر الأمر السامي الكريم رقم 4093/2 وتاريخ 21/1/1400هـ، بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز رئيسا لهذه اللجنة، ثم صدر الأمر السامي الكريم رقم 2505/8 وتاريخ 13/11/1402هـ، يقضي بإنشاء مبرة خيرية تسمى مبرة شهداء الحرم المكي الشريف تتولى أمر الهبات والتبرعات الموجودة أو التي سترد واستثمارها وتوزيع ريعها في أوجه الخير، وشكل مجلس إدارتها برئاسة سمو الأمير متعب بن عبد العزيز، وعضوية كل من المواطنين، عبد الله كعكي، وعبد الله بن سعيد، وعبد الرحمن فقيه وغازي بن ظافر، وقد توفى الله الثلاثة أعضاء عبد الله كعكي وعبد الله بن سعيد، وغازي ظافر ــ يرحمهم الله ــ وحل محلهم الدكتور عبد الملك بن دهيش والمهندس عبد العزيز غندورة .

2 ــ بلغت تبرعات المحسنين في أواخر عام 1400هـ، ما يقرب من مائة وخمسة ملايين ريال نقدا وتبرع صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز بعقار بلغت قيمته ثلاثة ملايين وخمسمائة ألف ريال، وتنفيذا لما ورد في البيان الملكي المذكور أعلاه، وفي نظام المبرة الصادر بالأمر السامي رقم 2505/8 سالف الذكر، رأى مجلس المبرة إنشاء فندق في مكة المكرمة، فاشترى جزءا من أرض الفندق في بئر بليلة بمبلغ حوالي 19 مليون ريال والجزء الآخر كان منحة ملكية، وعهد المجلس بمنافسة عامة إلى مكتب هندسي متخصص للتصميم والإشراف وإلى مقاول سعودي للتنفيذ وآخر للتأثيث والتزيين، وبلغت كلفة تنفيذ الفندق والإشراف عليه وفرشه وتأثيثه حوالي مائتين وثلاثة ملايين، وتسديدا للعجز اقترضت المبرة من وزارة المالية والاقتصاد الوطني مبلغ خمسين مليون ريال تسدده على أقساط سنوية ولا تزال المبرة مطالبة بمبلغ خمسة عشر مليون ريال عن الأقساط المتبقية، وأسعف خادم الحرمين الشريفين المجلس بتبرعه السخي بمبلغ عشرين مليون ريال في عام 1410هـ، لإكمال تأثيث الفندق إضافة إلى تبرعه السابق في عام 1400هـ.

3 ــ ليس للمبرة أملاك أو عقارات أو سيولة نقدية سوى ذلك.
فكتب تعقيبا شديد الوضوح على تعقيب مجلس المبرة، تحت عنوان/ وعي الكلام يؤثر في الشأن العام، نشر بجريدة البلاد بعددها (15904) يوم الأحد 7/11/1420هـ، بالصفحة الأخيرة، وطرحت هذه التساؤلات على المجلس.

 سـيدي: لم أجد ضمن مفردات رد مجلس الإدارة نقطة مهمة وحساسة للغاية يعتمد عليها كل هذا الجدل والحوار وهو: ما هو.. «تعريف الشهــيد».. في مفردات هذا المشروع الإنساني، فجاءتني غرابة شديدة، إن عمر هذه المبرة عشرون عاما وحتى الآن لم تستطع الإدارة معرفة وحصر شهداء الحرم المكي الشريف. إذن ومن خلال هذه المعلومة التي وردت بالرد يتأكد أن الإدارة فعلا لم تصرف للمستحقين منهم شيئا. فقلت لنفسي مسائلا الأسئلة التالية:
1 ــ هل هو الجندي المقتول داخل الحرم؟.
2 ــ هل هو الجندي المقتول خارج الحرم؟.
3 ــ هل هو المواطن المقتول داخل أو خارج الوطن؟.
4 ــ هل هو كل من دافع عن الحرم وقتل أثناء ذلك؟.
5 ــ هل هو كل من حوصر داخل الحرم ثم قتل؟.
6 ــ هل هو كل من قتل في الشوارع من قبل الزمرة الضالة من المنابر والأدوار العلوية؟.

ثم عقب مجلس إدارة المبرة بتعقيب على مقالي، نشر في جريدة البلاد بعددها (15925) يوم 28/11/1420هـ، بالصفحة الأخيرة وتحت عنوان «مجلس المبرة يرد على الكتبي: هذه حقوق شهداء الحرم»، جاء فيه. «إن للمبرة نظاما صادرا بأمر سام، مبنية أحكامه على قرار هيئة كبار العلماء في المملكة رقم (81) وتاريخ 22/7/1401هـ، المؤيد بالأمر السامي الكريم رقم (1971/8) وتاريخ 8/9/1401هـ، ويلتزم مجلس المبرة بأحكام هذا النظام وتقضي بعض أحكامه بما يلي:
1 ــ تنص المادة السادسة على مايلي: يقصد بشهداء الحرم المكي الشريف من استشهد في قتال الفئة الباغية في أحداث الحرم المكي الشريف أوائل شهر محرم عام 1400هـ.
2 ــ تنص المادة الثامنة على ما يلي: تصرف الأموال التي تم أو يتم تحصيلها، من المتبرعين لشراء أوقاف يكون أجرها وثوابها للشهداء، ويسجل على مستندات وسجلات الأعيان التي يتم شراؤها لدى جهات الاختصاص (أوقاف شهداء الحرم المكي الشريف) بالطرق النظامية المتبعة في مثل ذلك.
3 ــ تنص المادة التاسعة على ما يلي: توزع غلة الأوقاف على النحو التالي:
3/1ــ يصرف من غلة الوقف ما يلزم لحفظ رقية الوقف من ترميم وإصلاح وصيانة.
3/2 ــ يصرف خمسون في المائة من الباقي على الأعمال الخيرية وأعمال البر سواء بإعانة المعوزين والفقراء والمساكين أو إنشاء مشاريع خيرية كالأربطة والمساجد وخلافها أو المساهمة في أي عمل خيري آخر، وفي حالة حاجة أسر الشهداء فهم أولى بهذا البر من غيرهم لأن الدولة تكفلت بأسرهم.

واليوم، واليوم بالذات، أعود وبعد مرور (32) عاما، على جريمة الاعتداء على الحرم الشريف، أعيد وأطرح أسئلتي السابقة وبإلحاح شديد على المسؤولين بالمبرة ومنها:
1 ــ من هم شهداء الحرم، وما هي أسماؤهم؟.
2 ــ أين دخل هذه المشروعات التي قامت بها المبرة؟.
3 ــ وما هي مصير أموال الشهداء؟.
4 ــ وهل يصرف لأبناء الشهداء حقوقهم، وكم، وكيف، ومتى؟.
5 ــ وسؤالي المهم للغاية، لماذا لا يكون بعض أبناء الشهداء أو أحفادهم أعضاء في مجلس إدارة المبرة؟، وخاصة أن أصغر أعمارهم اليوم يكون قد بلغ (32) عاما، وهم الأحق والأجدر بأن يشرفوا ويديروا أموالهم للمحافظة عليها، وليس فيهم قاصر أو خلافه.

6 ــ ثم لماذا لا يكون لهذه المبرة أمين عام مثل باقي الجمعيات الخيرية.
7 ــ ثم لماذا هذا الصمت الإعلامي عن جهود وإنجازات المبرة.
فهل من مجيب يا صاحب السمو الملكي رئيس مجلس إدارة المبرة؟، ويا صاحب السمو الملكي وزير الشؤون البلدية والقروية؟، ويا معالي أمين العاصمة المقدسة؟!.

نريد جوابا، بل أجوبة مقنعة!.
والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض، وساعة العرض، وأثناء العرض.

عكاظ 7/3/1432هـ