نجيب محفوظ الحجاز .. حامد دمنهوري

 

 

عودنا معالي السيد أحمد عبد الوهاب نائب الحرم، عند مغادرة منزله عقب صلاة الظهر بعد انتهاء اللقاء الأسبوعي يوم الخميس لمجموعة من الأصدقاء أن يرفدنا بما يصل إليه من جريدة «البلاد» ومجلة «اقرأ» التي يأتي بها أخي الأستاذ أحمد شوقي، أو مجلة «جدة» التي يزوده بكميات منها أخي الأستاذ سامي خميس، أو ما قد يتوفر لديه من مؤلفات أدبية وتاريخية كان مؤلفوها قد أهدوا معاليه كميات منها لإهدائها لمن يحب من رواد مجلس معاليه.

وفي الأسبوع الأخير من شهر محرم ونحن نهم بالمغادرة وزع معالي السيد أحمد على المجموعة كتابين من إصدارات نادي مكة الثقافي الأدبي وهما للأديب الكبير الأستاذ حامد حسين دمنهوري الذي سمعت صوتا صدر عن واحد من المجموعة لم أتبين من هو من كثرة التعليقات، وهو يقول: «لو عاش الدمنهوري لكان نجيب محفوظ الحجاز».

والواقع أن ذلك صدق لا مراء فيه، فالأديب حامد دمنهوري عليه رحمة الله كان رقيقا في حديثه، أنيقا في مظهره، مبدعا فيما كتب، ومنه:
1- رواية «ثمن التضحية».
2- رواية «ومرت الأيام».
أصدرهما نادي مكة الثقافي الأدبي بمناسبة تكريمه في احتفالية شارك فيها أهل الفكر والأدب بدعوة من معالي رئيس النادي الدكتور سهيل حسن قاضي، الذي كان له الفضل يوم كان مديرا لجامعة أم القرى بإحياء ليالٍ يكرم فيها كل شهر واحد من الرواد الأوائل، ومع الأسف فقد توقف ذلك بعدما غادر معاليه الجامعة.

وأعود للرواية الأولى «ثمن التضحية» والتي جاء في المقدمة التي كتبها معالي الدكتور سهيل قاضي: يجد نادي مكة الثقافي الأدبي أن من واجبه الاحتفاء بأعلام الفكر والثقافة والأدب وبخاصة أولئك الرواد والمؤسسين، من أبناء (البلد الأمين) يجد النادي أن إحياء آثار تلك النخبة التي أسهمت في التنوير، وكان لها في نهضتنا التعليمية والحضارية أثر كبير، واجب آخر يجب السعي إليه، والعمل على تحقيقه.

وفي هذا السياق وفي إطار احتفالية تكريم (نادي مكة الثقافي الأدبي) بأديب مكة المكرمة الراحل الأستاذ حامد دمنهوري، رحمه الله، يعيد النادي طباعة روايتي هذا الأديب الكبير (ثمن التضحية) و(مرت الأيام) لمكانتهما الريادية في مسيرة الرواية السعودية.

والملاحظ أن مرجعية كلتا الروايتين موهبة وثقافة ورؤية واعية للأستاذ حامد دمنهوري الذي كان من أوائل من تلقوا دراساتهم العليا خارج المملكة، فكان سفيرا لقيمنا ومبادئنا لدى الآخرين، ثم كان سفيرا للثقافة العصرية في بيئة تقليدية، فكانت مسؤوليته غير عادية، وسخر موهبته الأدبية، لأداء رسالته التنويرية.

وكما كان هذا الأديب المبدع في روايته شاهدا على تلك الأيام، بمعالجة سلبياتها، وتعزيز إيجابيتها، قام بدور المصلح بإشادته بالقيم الأخلاقية، والإسهام في زرع الفضائل الإنسانية، استشراقا لغد يحمل أصالة الماضي، ومزايا العصر، وذلك ما بدأنا نفتقده في الأدب الحديث، الذي بدأ يسهم في نشر الرذيلة بدلا من الفضيلة، من خلال إفرازات شخصية، أو توجهات سياسية.

ويؤكد أديبنا حامد دمنهوري على أهمية العلم في رقي الأمم، انطلاقا من وظائفه التي تسنمها في سلم التعليم، حتى وصل إلى منصب (وكيل وزارة المعارف للشؤون الثقافية) وبحكم دوره أديبا أصيلا يحمل رسالة هادفة تجاه مجتمعه ووطنه.

رحم الله الأستاذ الكبير حامد دمنهوري وإلى الأسبوع القادم لنستأنف الحديث عن رواية (ومرت الأيام).
آيــة: يقول الحق سبحانه وتعالى بسورة الشورى: «ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور».
وحديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أذكروا محاسن موتاكم».
شعر نابض:
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته
يوما على آلة حدبـــاء محمـــول

عكاظ 27/2/1432هـ