وداعا سيد البيد
خبر صغير طالعتنا به صحف الأمس، يفيدنا أن «محمد الثبيتي» رحل بعد معاناة مريرة مع المرض استمرت أكثر من عامين.. الصحف مليئة بأخبار المطر في جدة وأحوالها المحزنة، الشوارع الموحلة والحفر التي تحولت إلى بحيرات صغيرة، المدارس الخالية، الحركة المشلولة. وقد تزامن مع أخبار جدة حالة الغضب الشعبي العام من خروج المنتخب من دورة كأس آسيا بصورة مخزية، معظم الكتاب كان المنتخب موضوعهم يوم أمس، ولأول مرة يخوضون في المفيد، ويقتربون مما يجب الحديث فيه أو يطالبون المسؤولين عن المنتخب بتحمل مسؤوليتهم، أي استقالتهم بالعربي الفصيح..
مع هاتين الهزتين العنيفتين جاء خبر انتقال محمد الثبيتي إلى رحمة الله. خبر صغير عن شاعر عظيم أمتناه قبل أن يموت. أمتناه بالنسيان والإهمال حتى وهو في أحلك ظروفه.. قصة مرض محمد الثبيتي وما اكتنفها من ملابسات ومفارقات تؤكد استهتارنا بالرموز الحقيقية التي تحتفي بها الأمم الحية.. عاش محمد الثبيتي بيننا يقاسي مرارات التجني والافتئات والنيل من دينه وخلقه، بشكل سافر ليس فيه أدنى قدر من المروءة.. عاش يتجرع الألم بتحد ونبل وشجاعة نادرة. لم ينكسر ولم يتوسل ولم يضعف. قاوم بالشعر في أشرس المعارك، وعاش للشعر ومات بالشعر.
تحدث عنه المتحدثون حين داهمه المرض، لكنهم نسوه بعد أن قذفوا به في غرفة المستشفى الباردة.. ثم تحدثوا عنه حين عاد إلى منزله، وأدخلوه مرة أخرى في بئر النسيان العميقة. وسوف يتحدثون عنه خلال هذا الأسبوع لتنتهي الحكاية إلى الأبد.
مثل الشاعر العظيم «محمد الثبيتي» يجب أن يظل رمزا وطنيا متوهجا، لا جسدا منسيا تحت الثرى.. رحمك الله يا سيد البيد.
عكاظ 12/2/1432هـ