كل هذا من خالد الفيصل؟ !

ضحكت من الأعماق على (انتفاضة) بعض المناهضين لقرار سعودة حلقات تحفيظ القرآن في مكة وجدة، حيث شرعوا بإعداد جردة حساب للحاكم الإداري للمنطقة الأمير خالد الفيصل شملت لومه على عدم سعودة شركات الليموزين، وعلى رعايته لمؤسسة الفكر العربي، وعلى عمل المرأة كاشيرة في محلات السوبرماركت، وعلى هطول أمطار غزيرة تسببت في كارثة سيول جدة العام الماضي، وعلى ما تنشره جريدة الوطن من مقالات، وعلى حواره التلفزيوني مع الزميل تركي الدخيل قبل سنوات، بل وحاولوا محاسبته (بأثر رجعي) على الفترة التي كان فيها أميرا لمنطقة عسير، ولو كان ثمة المزيد من الوقت لقالوا إنه مسؤول عن تردي نتائج النادي الأهلي في الفترة الأخيرة! .

فجأة أصبح خالد الفيصل وزيرا للعمل ووزيرا للخدمة المدنية ووزيرا للتربية والتعليم ووزيرا للمالية بل ومسؤولا عن كل شيء يحدث داخل السعودية وخارجها!، وفجأة أصبح (الشباب الحلوين) يتحدثون بتجرد أجرد وكأنهم أعضاء في حزب المعارضة السويدي!.

طبعا لو لم نكن نعرف (البير وغطاه) لأعجبتنا هذه الشجاعة التي هبطت على القلوب بالبراشوت! ..ولكننا للأسف (عيال قرية وكل يعرف أخاه) ونعلم تمام العلم أن هؤلاء البواسل ما كانوا ليخطوا مثل هذه الخطوة لو لم يكونوا متأكدين بأن خالد الفيصل سيترفع عن قصصهم الصغيرة وينفذ ما يراه صحيحا، وهذا ما حدث بالفعل حيث قال الأمير خالد الفيصل لـ «عكاظ» إنه مشغول عنهم بالواجبات الملقاة على عاتقه في موسم الحج ونصحهم بالتركيز على ما ينفع الوطن (.. يعني ما جاب خبرهم)!، ونحن – قياسا على التاريخ الشخصي لغالبيتهم – نعلم أن خالد الفيصل لو (حمر العين) عليهم قليلا لاصطفوا أمامه وهم يرتدون فوق كروشهم المتهدلة فانيلات خضراء وشورتات بيضاء وينشدون: (سارعي للمجد والعلياء)! .

على أية حال يبدو أن موضوع سعودة حلقات تحفيظ القرآن قد أيقظ الخلايا النائمة داخل أدمغة المتشددين!، وهي يقظة تكشف أن وراء الأكمة ما وراءها، فليس من المعقول أن يستميت هؤلاء من أجل مجموعة من الإخوة المقيمين الذين يحملون جنسيات باكستانية وأفغانية وهندية وأفريقية وعربية ويرفضون توظيف شباب الوطن من المتخصصين العاطلين لو لم تكن هناك قصة خفية وراء هذا الموضوع! .

حدسي الشخصي يقول إن المسألة لا تتعدى أحد احتمالين: إما أن تكون هذه الحلقات قد استغلت لتنفيذ أعمال لا علاقة لها بأهدافها المعلنة ومن هنا جاءت ردة الفعل المنظمة والمتتابعة على قرار سعودتها، أو أن قوى الظلام والتشدد تستهدف الأمير خالد الفيصل لشخصه وتحاول تجريب خبراتها في الإرهاب الفكري ضد مسؤول قوي ـ والقوة لله ـ كي تفرض أجندتها الفكرية والسياسية على الجميع، وهنا نكون قد دخلنا مرحلة خطيرة جدا في المزايدة على القرآن !.

عكاظ 7/12/1431هـ