في وداع إنسان طيب

برحيل الدكتور محمد عبده يماني ــــ رحمه الله ــ تكون مكة المكرمة بصفة خاصة والمملكة بصفة عامة قد فقدت أحد أعلامها الذين ملأوا الساحات تواصلا وعطاء وحضورا وتفاعلا في مجالات شتى منها الفكرية والثقافية والاجتماعية والعلمية والإعلامية والإنسانية والدعوية بل وحتى الرياضية، ولم يزل كذلك مشاركا ومنافحا بقلمه وبقلبه ولسانه حتى أتاه اليقين!

لقد عرفت معاليه منذ أن كان مديرا لجامعة الملك عبد العزيز فكنت ألتقي به في المناسبات الاجتماعية التي يحرص على حضورها جبرا لخاطر أصحابها وأداء لواجب اجتماعي، وكان يصطحب معه والده (رحمه الله) في بعض المناسبات الرسمية والشعبية مفاخرا بكونه ابن رجل بسيط استطاع تربية أبنائه حتى غدا منهم من يحمل أعلى الدرجات العلمية ويتسنم أرقى المناصب الإدارية، ثم توثقت صلتي به بعد أن أصبح وزيرا للإعلام في بداية عهد الملك خالد ــ رحمه الله ــ وقد شهدت الصحافة في تلك الفترة تطورا وسعة في مجال الهامش والطرح الجيد لقضايا الوطن وكان معاليه يحمي إخوانه الصحفيين إذا ما اجتهدوا اجتهادا ذا أجر واحد ويسوي الأمر بذكاء ودهاء بما يرضي الجهة المسؤولة ويحمي صاحب العمل الصحفي حتى تمر المسألة بسلام، وبضدها تتميز الأشياء؟!

وكان يسخر علاقاته الرسمية والشعبية الواسعة ومحبة الناس له في قضاء حوائج من يلجأون إليه طلبا لشفاعته المحسنة وكم حمل نفسه مراجعا المسؤولين في مسألة لإنسان قد لا تربطه به أي صلة ولا يدفعه لذلك سوى رغبته في الخير والبر، فإذا وفقه الله إلى قضاء حاجة ذلك الإنسان امتلأ قلبه بالسعادة ــ رحمه الله ــ على نعمة التوفيق.

ومن صفاته الإنسانية أنه كان حريصا على ألا يكون بينه وبين أي إنسان خلاف أو جفوة، فإن حصل ذلك لأي سبب من الأسباب سارع من جانبه إلى إنهاء الخلاف أو الجفوة حتى لو كان الحق له لأنه يحب أن يكون على علاقة طيبة مع الجميع، وفي ذلك دلالة على التواضع الجم والنفس الطيبة والروح العالية التي كان يتمتع بها تغمده الله برحمته وواسع فضله إنه سميع مجيب ورزق أهله وذويه أجر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون.

عكاظ 4/12/1431هـ