أنا (وحداوي)!

كنت - ولازلت - من محبي فريق نادي الوحدة الرياضي لكرة القدم .. وتعود بداية هذا العشق اللذيذ إلى عهد الطفولة (أواخر السبعينات الهجرية) ، حيث كنت وبعض أترابي المغرمين - مثلي - بحب الفريق نقطع المسافة من حي المعابدة ، إلى الملعب (الترابي) بجرول قرب ساحة إسلام ، والذي كان الفريق يزاول عليه تمارينه ، وبقربه مقهى يرتدي فيه اللاعبون ملابسهم الرياضية ، ويستريحون بعد التمرين.

| كانت مشاهدتنا لتمارين (الوحدة) واستمتاعنا بفنيات اللاعبين كافية لازالة كل التعب. واذكر من لاعبي (الوحدة) في تلك الفترة من السعوديين: (عبدالعزيز مفتي - حسني باز - حسن دوش - أمين هرساني - خضر البيشي - البصيري (سليمان) - سعيد لمفون - اسماعيل فلمبان (الحارس الطائر).

ومن اللاعبين السودانيين: (التوم جبارة - بُشرى - الفار) وغيرهم.
| وفي مكة المكرمة - في تلك الفترة - أندية أخرى لكرة القدم مثل: (العلمين ، الشباب ، الوطن - الشبيبة - الشرق - زمزم - النمور). غير أن فريق (الوحدة) كان زعيمها ، ولا ينافسه سوى فريق (الاتحاد) بجدة.

| ومن أجل عيون (الوحدة) كنَّا - صغاراً وكباراً - نتكبد مشاق السفر من مكة إلى جدة لحضور مباريات الفريق وتشجيعه - (ولا أحد داري بينا من إدارة النادي) - بل كان اللاعب يؤمِّن لنفسه الملابس الرياضية ، ولم تكن له رواتب تصرف - على حد علمي - كان اخلاصه وحبه لفريقه يدفعانه إلى البذل والعطاء بسخاء.

| ذات مرة اشتركت مع مجموعة من الأصحاب من زملائي في المدرسة المحمدية الابتدائية ، للسفر إلى جدة لحضور مباراة بين فريقي الوحدة والاتحاد ، وركبنا الاتوبيس بعد الظهر لنصل إلى ملعب الصبان بجدة بعد ساعات .. ربما ثلاث أو أكثر وفي لجة الزحام عند باب الملعب أضعت رفاقي ، وتوجهت إلى أقرب مدرج لمشاهدة المباراة التي كانت قد بدأت .. وكانت المدرجات عبارة عن دكاك أسمنتية - أي بدون كراسي - وربما استعان بعض الجمهور بالبراميل للارتقاء عليها لمتابعة سير المباراة بوضوح. وقد وجدت نفسي في مدرج مزدحم يكتظ بالمشجعين وقد علت أصواتهم ، وبطبيعة الحال كنت مع (الصارخين) مشجعاً للأحمر والأبيض .. وفجأة وجدتني ملقى أسفل المدرجات بعد لكمة من مشجع لم أتبين صورته ، وقد علمت بعدما أفقت أنني كنت في مدرج خاص بمشجعي (الاتحاد). (ومن يومها) إلى (اليوم) لم أدخل أي ملعب رياضي أثناء المباريات مكتفياً بالمشاهدة - عبر التلفاز - لكنني لاأزال وحداوياً ، بحكم النشأة ، وشعار الفريق في نظري يمثل (كريات الدم الحمراء والبيضاء) تسري في العروق ، وتُلهب حماس العشاق.

| المهم (الوحدة) الآن بخير - رغم غياب البطولات عنها - ومحبُّوها رجال عاهدوا الله على الاخلاص والتفاني في خدمة النادي ، لتبقى الوحدة في المقدمة ، وتحظى بالبطولة الغائبة. وأشعر بتقدير كبير لأبرز محبيها وهما: معالي الأستاذ الدكتور محمد عبده يماني ، والشيخ أجواد الفاسي. وأعتقد أن رئيس النادي الأستاذ جمال تونسي قادر على مواصلة المسيرة بجهد أكبر لتحقيق المأمول ، دون الالتفات إلى ما يثيره بعض الكتاب في بعض الصحف من آراء قد لا تدل على الرغبة في تطور الحال.

الندوة 16/11/1431هـ