تكريم الوزير للمؤرخين والجغرافيين

لم تكن الدروع المهداة ولا الكلمات الخطابية في حفل تكريم مؤرخي وجغرافيي مكة المكرمة الذي أقامه نادي مكة الثقافي الأدبي مؤخرا سوى خطوات أولية لأعمال إبداعية خطتها أنامل أدباء ومثقفون خرجوا من أروقة جامعة أم القرى وآخرون ممن مارسوا الأدب والثقافة قراءة وكتابة فأبدعوا بنتاجهم ونالوا الثقة لإدارة نادي ينمي المواهب ويحفظ التاريخ ويدون العطاء دون النظر لمن يدعون الأدب والثقافة والفلسفة والفكر بقدر ماتتوجه أسماعهم نحو إيقاعات الكلمات الإبداعية والموروثات التاريخية فكانوا بحق أعضاء مخلصين حملوا الأمانة وساروا على نهج من سبقوهم .

ويوم حل موعد التكريم في حفل رعاه معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة تحول رئيس وأعضاء مجلس إدارة نادي مكة الثقافي الأدبي إلى ضيوف داخل القاعة وأصبح الحضور من مثقفى مكة المكرمة وأدبائها هم أصحاب الدار بعد أن شاهدت أعينهم الجهد الذي بذله رئيس وأعضاء مجلس الإدارة الذين أدركوا أن من وأجبهم الوفاء لمن سبقوهم في العلم والمعرفة بنتاجهم المعتمد على الكيف لا الكم .

فالشيخ عاتق بن غيث البلادي -رحمه الله- والدكتور ناصر بن علي الحارثي -رحمه الله- والأستاذ هاني بن ماجد فيروزي -رحمه الله- ومعالي الدكتور عبدالملك بن عبدالله بن دهيش، والدكتور محمد الحبيب الهيلة، والدكتور معراج بن نواب مرزا ليسوا بأولئك الغرباء البعيدين عن أذهان الأجيال السابقة والأجيال اللاحقة فنتاجهم خطته أقلامهم بكلمات صادقة ورسوم حددت المعالم .

ولم يكن معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة ابن مكة المكرمة الطالب والأستاذ بكلية التربية ببعيد عن تلبية الدعوة وتوجيه الشكر للنادي لخطوته فهو من نبع من معينهم وروى ظمأه بعلمهم .

 وهذا ما أكده معاليه بقوله “حين تلقيت هذه الدعوة الكريمة إلى هذا المنتدى المكي الطيب تذكرت - والذكرى تشوق وتطرب- ملامح من مآثر مكة المكرمة وفضلها على كل من انتسب إلى هذه الأمة الإسلامية العظيمة.. واستعدت وأنا ابنها المكّي ألق كل شعب من شعابها وأخذت أجول في أزقتها وشوارعها ويشدّني الوجد إلى حاراتها العتيقة ويصعد بي الشوق إلى الأعالي إلى الذرى فأصوب وجهي تجاه منارات حرمها الآمن وإذا بي أرجع “القهقرى” عقودًا من الزمان وأرى إلى جانب البيت العتيق صورة ما أحلاها من صورة وقد كنت أختلف إلى حلقات الدرس والتعليم في تلك الأروقة المباركة ونحيط وزملائي بشيوخ لنا فيكاد القلب يضطرب في مكانه ثم لا ألبث لحظة حتى أرفع الأكف إلى الله تبارك وتعالى أن يرحم ذلك النفر العظيم من علماء مكة المكرمة فكم أعطوا وكم أنفقوا وكم ذابت مهجهم وهم يتجهون بأفئدتهم ووجهوههم نحو البيت العتيق وكم كانوا يستشعرون جلال الموقف الذي شرفهم فيه الباري عز وجل أن اختّصهم بشرف التدريس إلى جوار بيته المعظم ...”.

وقال معاليه في كلمته التي اعتبرها الدكتور محمد مريسي الحارثي عضو مجلس إدارة النادي وثيقة “ ها هو ذا ناديكم لا يدع القلب يستقر مكانه ويأبى إلا أن يثير فيه مكامن الشوق والذكرى نحو هذه المدينة العظيمة المقدسة مكة المكرمة وأين.. في شهر رمضان المبارك..هذا الشهر الذي صدعت فيه جبال مكة وبطاحها وشعابها بأمر ربها وتلقت فيه هذه الأرض نبأ السماء وقيل لنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم: اقرأ.. فامتلأ الكون هدى وتقى وخيرًا.. ” وهي شهادة يستحقها النادي الذي لم يغفل جهد السابقين فمنحهم القليل من عطائهم الكثير .

وكم نتمنى أن يواصل النادي عطاءه ومسيرته لتكريم من يستحقوا التكريم من أدبائنا ومفكرينا السابقين الذين خدموا الثقافة والأدب بمكة المكرمة من أمثال الأستاذ / إبراهيم أمين فودة أول رئيس للنادي والأستاذ / عبدالكريم نيازي والأستاذ / عبدالله بوقس ـ رحمهم الله ـ وغيرهم ممن أشعلوا قناديل العلم والمعرفة وواصلوا الليل بالنهار ليخرج نادي مكة الثقافي من حلم يراود المثقفين إلى واقع يخدمهم .

الندوة 22/9/1431هـ